أبو العلاء المعرّي رهين المحبسين، زنديق بغايات الخلفاء وأطماعهم

 أبو العلاء المعرّي  رهين المحبسين، زنديق بغايات الخلفاء وأطماعهم

المعرّي هو الشاعر والأديب والفيلسوف واللغوي أحمد بِن عبدالله بنُ سُليمان القضاعي التنّوخي المعرّي،ولد في معرّة النعمان في سوريا عام 973م في عهد الدّولة العباسيّة.
عندما بلغ الرّابعة من عمره أصيب بالجدري الّذي أفقده عينيه، لكن هذه الإعاقة لم تثنه عن السّعي في طلب العلم، وأن تظهر لهُ العديد من المؤلّفات الّتي تدلّ على سعة اطّلاع قلّ نظيرها في العديد من العلوم، وقد اشتهر عنه بأنّه عالِمٌ متبحّر وشاعِرٌ مطبوع، وقد تأثر كثيراً بشعر المتنبّي حيث كان المعرّي أحد رواة شعره..
كان على جانبٍ كبيرٍ من الفهم واتّقاد الذّهن والخاطر والذّكاء والقدرة العالية على الحفظ، لكن لم تظهر الموهبة الفريدة للمعرّي إلا في كتبه الّتي قام بكتابتها بعد عودته إلى المعرّة قادماً من بغداد، ومنها رسالة الغفران واللزوميّات.
تأثّر جدّاً بوفاة والدته، الأمر الّذي جعله يعتزل النّاس، وقد قيل أنّه عاشَ مُنذُ ذلك الوقت في كهف، اعتاد فيه على حياة التقشّف، لا يأكل أي شئ من اللحوم أو اللبن أو البيض، حتّى قيل بأنه بقي على هذه الحال لمدّة تجاوزت الخمسةً وأربعين عاماً، ومن هنا جاءت تسميته بـ(رَهين المِحبسين)، أي الدار أو الكهف والعَمى، وبقي على هذه الحال حتّى وفاته.
خَرَجَ أبو العلاء المعرّي في أحد أشهر مؤلّفاته (اللزوميّات) على قيود العقيدة الّتي كانت تقيّد أسلافه، فقد ندّد بالخرافات في الأديان ، وشكّك في الكثير من المعتقدات، حتّى وصف بأنه مُفكِرٌ متشائِم، فقد أورد المعرّي بـأنّ الأديان هي مجرّد خرافة ابتدعها القُدماء، لا قيمة لها إلا لمن يريدون استِغلال السُذّجِ من الجماهير، وقد شدّد على تلك الآراء بعد ظهور الكثير من الخُلفاء في بغداد ومصر وحلَب، حيث كان هؤلاء يستغلّون الدّين ومُعتقداته لتدعيم سلطانهم وتبرير أعمالهم في هذا السبيل.
ومن مؤلّفاته الشهيرة أيضاً (رسالة الغفران)، وهي عبارة عن رسالة صاغها بأسلوبٍ مُنمّق، ووهبها لرجلٍ اسمه (عليٍ بن منصورٍ الحلبي)، وقد عرض فيها الشُعراء الزّنادقة الّذين غُفِرَ لهُم – ومن هنا جاءت تسمية الرسالة – ورُفِعوا إلى الجنّة.
كان المعرّي ربوبيّاً لا دينيّا، إلا أنّه يؤمن بالتوحيد، وكان يهاجم باستمرار أولئك الّذين يستغلّون استعداد الناس لتصديق الخرافات بهدف اكتساب المال والسُلطة، وقد أورد في اللزوميّات قوله:
قد ترامت إلى الفسادِ البرايا       واستوَت في الضّلالةِ الأديان
ومن أقواله الأُخرى:
وإذا ما سألتَ أصحابَ دينٍ       غيّروا بِالقياسِ ما رتّبوه
لا يدينون بالعُقـولِ ولكــن       بأباطيــلِ زُخـرفٍ كـذّبوه

أعتبر عند مُعاصريه زنديقاً - بحسب زعمهم - فلم يأتِ ذكرٌ للعقيدة إلا وسخِر منه، ولكنّه كان في الحقيقة مُتشكّكاً من كثرة استغلال الخلفاء لأمور الدّين بهدف الوصول لمآربهم.
 توفّي في معرّة النعمان عام 1057م، وكان يبلغ من العمر وقتها 86 عاماً.

بقلم

غادة حلايقة



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

INSTAGRAM FEED

@gh330kam