في معركة صِراع الأديان والحركات التكفيريّة القديمة المتجدّدة، والهرطقة الّتي سادت بشكلٍ كبير خلال فترة العصور الوسطى، وأحكام الإعدام حرقاً على قيد الحياة - كما حدث على أيدي الحركات التكفيريّة وحرقهم للشهيد مُعاذ الكساسبة حديثاً - وغيرها من أفعال كريهة كالقتل والصلب وفصل الرأس عن الجسد وغيرها من أشكال بشعة للموت، ابتدعوها وتفنّنوا في تطبيقها على البشر، أعود إلى فترة العصور الوسطى، الفترة الذهبيّة للأنظمة الإقطاعيّة من خلال اتحاد الكنيسة مع أنظمة الحُكم في تلك العصور الّتي ساد بها الفقر والجهل والتخلّف والموت على مساحاتٍ واسعة في القارّة الأوروبيّة، وحديثي سيكون عن المُصلِح الإنجليزي (وليام تايندال).
وليام
تايندال هو لاهوتي لغوي وثيولوجي وكاتب ومترجم ومصلحٌ وباحث بروتستانتي إنجليزي،
ولد في غلوستر الواقعة جنوب غرب إنجلترا عام 1494م، وتعلّم في جامعتي أكسفورد وكامبريدج،
تمّ رسمه كاهناً عام 1521م بعد أن أصبح من أشدّ المؤيدين وأقواهم، الدّاعين لإصلاح
الكنيسة.
قام تايندال
في القرن السادس بترجمة الكتاب المُقدّس - العهد الجديد - إلى اللغة الإنجليزيّة
المُعاصرة، وقد كان بهذا العمل أوّل من وضع ترجمةً إنجليزيّة للإنجيل مُستمدّة من
النصوص العبريّة واليونانيّة للكتاب المقدّس، إضافة إلى أنّ تايندال يُعتبر أوّل
من قام باستغلال وسيلة الطباعة، الأمر الّذي سهّل توزيع الإنجيل المُترجم بشكلٍ
واسع.
أُلقي القبض
على تايندال عام 1535م، وتمّ حبسه خارج بروكسل، وتحديداً في قلعة (فيلفوورد) لأكثر
من عام، حيث اتُّهِم بالهرطقة والخيانة، وتمّت إدانته بتلك التُهم، وكان عقابه الإعدام حرقاً وهو على قيد
الحياة بعد أن علّق على وتدٍ، وذلك في السادس من أيلول عام 1536م.
وكان عقابه الإعدام حرقاً وهو على قيد
الحياة بعد أن علّق على وتدٍ
كانت أحكام
الإعدام حرقاً منتشرة خلال فترة العُصور الوسطى، والمُتّهمون الّذين يُنفّذ بهم
هذا الحُكم هم من المُهرطقين الزنادقة، ومثليّو الجنس والسَّحرة، وكانت أحكام
الإعدام تصدُر من الكنيسة، على الرّغم من أنّ رجال الدّين – بحُكم القانون الدّيني
– ممنوعين من تنفيذ تلك الأحكام، حيث كان المُتّهم يُسلّم إلى السُلطاتِ المدنيّة
لتنفيذ حُكم الموت الصادر عنها.
في فرنسا
كانت أحكام الإعدام تتمّ قي ظلّ نظامها القديم بالعديد من الإجراءات، كانت
غالبيتها الشّنق أو قطع الرأس بالسيف أو المقصلة.
قيل أنّ آخر
كلمات تفوّه بها تايندل قبل إحراقه هي:
"يارب،
فتح عيون ملك انجلترا".
وبعد ثلاثة
أعوامٍ من تنفيذ الحُكم، قام الملك هنري الثامن بنشر الكتاب المقدّس المُترجم على
أساس ترجمة تايندال، على الرّغم من أنّ تايندال لم ينهِ ترجمته للكتاب بسبب
اعتقاله وتنفيذ حكم الإعدام به، ولكنّ عمله هذا كان حجر الأساس في كافة الترجمات
الّلاحقة للكتاب المُقدّس، ومن بينها رواية (الملِك جيمس) عام 1611م.
بقلم
غادة حلايقة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق