العلاج النفسي الجمعي بين النظريّة والتطبيق

العلاج النفسي الجمعي بين النظريّة والتطبيق

في مقدمة كتاب العلاج النفسي الجمعي بين النظريّة والتطبيق، الصادر عام 2003م، نجد أن الكاتب الدكتور محمد حسن غانم، يشير إلى أهميّة العلاج النفسي الجمعي، وعلى الرغم من تلك الأهميّة إلا ان جميع ما كتب في هذا الصدد لا يزال محدوداً، والمؤلّف الوحيد المتوافر في المكتبات العربيّة الذي تناول هذا الموضوع هو كتاب (العلاج النفسي الجمعي) تأليف الأستاذ الدكتور لطفي فطيم.
أما فيما يخص الغرب، فقد تمّ تأسيس (الجمعيّة الأمريكيّة للعلاج الجماعي أو العلاج السيكودرامي) عام 1942م على يد مورينو، وكانت مهمّة هذه الجمعيّة العمل بكامل جهدها لتحويل العلاج النفسي الجمعي إلى مهنة بحد ذاتها لها مواصفاتها، وكانت خطوتها الهامة في هذا المجال بعد منح شهادة للتخصّص سنة 1975م، وعلى إثر هذا تمّ تخصيص مجلس مهمته تولّي امتحاناً الراغبين في ممارسة العلاج النفسي الجمعي، ومنحهم شهادة تعرف بـ(T.E.P)، وهذه الشهادة تفيد بأنّ الحاصل عليها قد أجيز كمعلّمٍ أو مدرّب أو ممارس لهذا النوع من العلاج، عمل هذه الجمعيّة مستمرٌ حتى وقتنا الحاضر، وما تزال تصدر نشرةً دوريّة وتعقد مؤتمراً سنويّاً لمتابعة كافة التطوّرات التي تستجد في هذا الصدد في العديد من دول العالم.
يحاول الدكتور محمد من خلال كتابه هذا تناول بعض القضايا المهمة في هذا المجال من خلال اثني عشر فصلاً تناول فيها العديد من النقاط الهامة في مجال العلاج النفسي الجمعي.





الفصل الأوّل
العلاج النفسي الجمعي (نظرة تاريخيّة)



في مقدمة هذا الفصل يشير المؤلّف إلى مدى صعوبة تحديد تاريخ لأي ظاهرةٍ ما والاستناد عليها بشكلٍ كلّي، على الرغم من أنّ كافة الظواهر لها تواريخ لبدايتها سواء كان التاريخ رسمي أو غير رسمي، فعلى سبيل المثال تمّ تأريخ بداية العلاج النفسي الجمعي إلى عام 1905م، وبالتحديد على يد (جوزيف هيرسي برات)، غير أنه ليس بالإمكان الاستناد إلى هذا التاريخ ونحن واثقين من بداية تطبيق العلاج النفسي الجمعي في هذا التاريخ والوقت، وأنه كان على يد هذا الرجل.
والصواب الأقرب إلى الواقع هو القول بأنه لا يوجد تاريخ دقيق محدّد بالإمكان الرجوع إليه بموضوع متى بدأ العلاج النفسي الجمعي، وعلى الرغم من هذا يمكن الاتفاق على قول (كييف مان) وهو:
"أيُّ فهمٍ للتاريخ الذي بدأت فيه وسائلُ البحثِ، لن يكونَ إلّا تاريخ المُمارسةِ المهنيّة لأيِّ عملٍ ما".
لكن يبقى السؤال الذي يطرح نفسه هو من الذي قام بتولّي مهمّة العلاج للأمراض النفسيّة خلال العصور التي سبقت عام 1905م ؟.
ومن هو الذي قام بعلاج الآلاف من البشر الذين عانوا من عدد من الأمراض كالعصابيّةِ الذهنيّة والسيكوسوماتيّة أو غيرها من الأمراض النفسيّة أو الانحرافات السلوكيّة؟.
مما لاشكّ فيه بأنّ كل جماعةٍ بشريّة عاشت على سطح الأرض منذ الأزل كان لها مساهمات مهمة في الابداع والابتكار في مجالاتٍ عدّة، وبطرق وأساليب كفيلة بسد حاجتها، إضافة لمواجهة احتياجات الآخرين من علاج، وهذا سبب في ظهور المنجّمين والعرّافين والكهنة والسحرة في مختلف العصور، وما زال العديد منهم موجودون حتى يومنا هذا يؤدون تلك الأعمال على الرغم من التطوّر العلمي الهائل في هذا الوقت، ويطلق عليهم اسم (المعالجين النفسيين الشعبيين)، والغريب بالموضوع بأنهم يقومون بأعمالهم ويلقون دعماً ومساندة على ما يصنعون من قبل الثقافةِ الفرعيّة.
أمّا في العقائد فقد ظهرت أساليب وأفكار مغايرة للعلاج كمن تلبستهم الشياطين أو مسهم الجن.
كان لكل ثقافةٍ وجماعة على مر العصور العديد من الأساليب في التدعيم وعلاج السلوك والاضطرابات النفسيّة التي تلائم زمانها وظروفها، وكان المعالجون من الحكماء والفلاسفة حيث كانوا هم المنجمون والأطباء والمداوون والجغرافيون، وكانت أدواتهم القانون والموسيقى وغيرها، حيث أن مفهوم الثقافة في تلك العصور الغابرة كان مفهوماً شاملاً، ومن هؤلاء الروّاد الأجداد كانت الجذور الأولى للعلاج النفسي المعاصر بكافة أشكاله وصوره، امّا المعالج النفسي فهو الشخص الذي يقدّم العلاج الشافي مهما كانت الحالة عصيبة أو حرجة، وهذا ما تؤمن به كافة الثقافات المحيطة التي لها دورٌ كبير في كبت العديد من السلوكيّات البشريّة، وهذه الثقافات من شأنها أيضاً المساهمة في خلق العديد من الإمكانيّات العلاجيّة في سبيل إشباع الرغبات المتعددة والعميقة لأعضائها، أو من شأنها منحهم الشقاء.

ومن خلال عرض الكاتب للأصول التاريخيّة للعلاج النفسي الجمعي، فإنه يرتكز فيه على محورين، هما:

·       المحور الأوّل: العلاج النفسي الجمعي (غير الرسمي أو الشعبي).
تمتدّ جذور العلاج النفسي الشعبي إلى آلاف الأعوام بدءاً من المعالج الأوّل سواء كان عرّاف القبيلة أو كاهناً، الذي كان يعتبر مسؤولاً عن عودة الأرواح المفقودة أو الهاربة، إضافةً لقدرته على استئصال الأرواح الشريرة وشفاء الأمراض.
من أهمّ العناصر في هذا العلاج الشعبي (الكهنوتي) يتمثّل في إعادة تمثيل المأساة المتسببة في فقد الروح أو تلبّس الجسد بأرواح شريرة حيث كانت بداية المشكلة أو المرض.
كانت كافة الطقوس التي يجريها الكهنة داخل المجتمعات البدائيّة لها وضعٌ هام في حياة تلك المجتمعات، وكان الكاهن يعمل بالتعاون مع آخرين تمنح لهم أدوار العفاريت والجان والأرواح الشريرة وحتّى أدوار الآلهة ومن يمثل تلك الآلهة على الأرض، ومن مهامهم طرد تلك الأرواح الشريرة من الأجساد وإعادة الأرواح الطيبة إليها.
بدأ ظهور التقسيم والفرق بين الطبيب المعالج والكاهن والروح والجسد، منذ أكثر من خمسة آلاف عام، أي منذ بداية ظهور الممالك الأولى على سطح الأرض، وعلى الرغم من هذا فإنّ دور الكاهن كان الأقوى، حيث كان الأكثر احتراماً، أما الطبيب فقد كان في تلك العصور القديمة مجرّد معالجٍ مهني لا يملك المهارة والذكاء، ويفتقد إلى التبجيل والاحترام الممنوح للكاهن، ولم تكن مهنة الطب تحظى بالاحترام حتّى مطلع العصر الحديث.
بالإمكان تتبّع بدايات العلاج النفسي الجمعي عند الإغريق من خلال مدارس ومعاهد الفلاسفة الإغريق، حيث كانت تمثّل مظهراً من مظاهر التراث السيكودرامي المهني، بحيث أنّ لكلّ عضو في تلك المعاهد والمدارس أدوار متعددة ومتنوعة، بحيث يكون اليوم كاتباً وغداً نجّاراً أو طباخاً وهكذا، وهذه الأدوار المتعددة مفيدة لقيام الطالب بالدور، حيث كانت تلك الأدوار هي البداية الأولى للعلاج النفسي السيكودرامي.
ومن نماذج التصورات العلاجيّة الأولى متمثلةً بمعابد الأحلام اليونانيّة، والتي كانت تشخّص الأحاسيس الداخليّة، أحد الدعائم الأساسيّة للعلاج عند الإغريق القدماء، وأحد الدعائم الأساسيّة للعلاج السيكودرامي.
إبان ظهور الديانة المسيحيّة واضمحلال الحضارة الرومانيّة، دعت الأولى إلى تطهير الروح وعلاجها من خلال الاعتراف، إضافة لقراءة التعاويذ كنوعٍ من الأدلّةِ العلاجيّة، وكانت الكنيسة تطلب من الشخص تمثيل أسباب المرض ليتمّ بعدها علاجه بأحد الطرق العلاجيّة من خلال قارئ التعاويذ، وهذا القارئ لم يكن يتلقى أي نوع من المساعدة من أحد، لكنّه كان يتّصف بنشاطه وإبداعه وقدرته على التعامل مع الأرواح الشريرة بشكلٍ مباشر، بحيث أنه يتمكن من طردها في كثيرٍ من الأحيان، فكان بفرده يؤدي الدور كقارئ، والدور المعاكس المتمثّل بالروح الشريرة.

·       المحور الثاني: علاج نفسي جمعي (رسمي)
كانت بداية نشأة العلاج النفسي الجمعي عمليّةً تطبيقيّة، في بداية القرن العشرين كان السل يعتبر مرضاً اجتماعيّاً وجسديّا حتى جاء (برات) ووضع خطة لمعالجة المصابين بهذا المرض من الفقراء في بيوتهم، عن طريق وضع خطةٍ علاجيّة عام 1905م، أطلق عليها اسم (فصول علاج السل)، والتي تتكوّن ما بين خمسة عشر إلى عشرين عضواً، يدونون كافة المؤشرات الحيويّة على كرّاساتٍ يحملونها معهم.
لم يكن برات يعي الآثار النفسيّة والسيكولوجيّة لمرضى السلّ، لكن من خلال عمله تأثر بأحد الروّاد في علاج العصاب النفسي، وهو الدكتور الباطني (جوزيف جول ديجرين)، وذلك من خلال متابعة تعليماته الواردة في كتاب الأخير في مجال العلاج الجمعي الذي يعتمد على الاستهواء وإعادة التعلّم، وبعد تلك الفترة العلاجيّة بعدّة أعوام نشر برات خمس دراسات تصف تجربته تلك، ويظهر جليّا في تلك الدراسات مدى وعيه بالديناميكيّة السيكولوجيّة، والتي يمكن من خلالها اعتبار برات الأب الشرعي لحركة التوجيه في مجال العلاج النفسي الجمعي.
إبان الحرب العالميّة الثانية تمّ نشر العديد من نتائج التجارب لعدد من أطباء النفس الأمريكيين، يصفون بها تجاربهم في العلاج الجمعي مع الفصاميين، وكان الطبيب (لازيل) من أوائل هؤلاء الأطباء، وقد نشر مقالاً في هذا الصدد عام 1923م، يشير فيها إلى مزايا العلاج الجمعي التي أفضت إلى نتائج جيدة.
لكن فضل الريادة في مجال العلاج النفسي الجمعي يرجع إلى (ألفرد آدلر) أحد تلامذة سيجموند فرويد الذي انشقّ عليه بسبب اعتناقه للمذهب الاشتراكي، وأنشأ مركزاً للإرشاد خاص بالطبقة العاملة، حيث استخدم فيه الأساليب الجمعيّة في علاج المرضى.
مع نهاية الحرب العالميّة الثانية انتشر العلاج النفسي الجمعي بشكلٍ واسع، وسبب نموه الهائل خلال فترة الحرب هو نقص الأيدي العاملة وازدياد عدد المرضى النفسيين، ولهذا تمّ بذل المزيد من الجهد في سبيل التوصّل لأحدث وأقصر طرق وأساليب العلاج، وفي تلك الفترة أصبح مجال الطب النفسي أكثر تحرراً من الفترات الماضية، وأكثر قابليّة للتجدد، لهذا تمّ التوصّل لاستخدام الأساليب الجمعيّة في العلاج التي دخلت فيها مساهمات العديد من مدارس العلاج بالتحليل النفسي والتي تنتمي إلى هورني وفرويد وسوليفان.





الفصل الثاني
مدخل إلى العلاج النفسي الجمعي



تتعدّد النظريّات النفسيّة والسلوكيّة، وهذا من شأنه أن يكون سبباً في تعدّد التعريفات لمفهوم العلاج النفسي الجمعي، وهذا هو السبب في صعوبة إيجاد تعريف متّفق عليه لهذا المفهوم، لأنّ لكلّ نظريّة منهجها الخاص الذي يعتمد على أصولٍ نظريّة معينة، إضافة للأهداف النوعيّة لكلٍ منها والطرق المُستخدمة في تنظيم التفاعل الجماعي وحركته.
على سبيل المثال منهج مورينو (السيكودراما) الذي يعتمد على تمثيل الأدوار وممارستها داخل الجماعة، عن طريق تشجيع المرضى على تمثيل بعض الأدوار الهامة كـ(الأب، الابن، الأخ ...إلخ)، والتي تمكّن الشخص المريض من كشف مشاكله الشخصيّة والأخطاء التي ارتكبها في تفاعله الاجتماعي مع الآخرين في حياته اليوميّة.
أما ما يُطلق عليه اسم (المجتمع العلاجي)، هو عبارة عن منهج يستمدّ أصوله النظريّة من بحوث ودراسات علم النفس الاجتماعي، حيث يتم علاج المريض عن طريق وضعه ضمن جماعةٍ تعمل على تشجيعه من خلال دفعه إلى القيام بأداء أدوارٍ اجتماعيّةٍ هامّة.
في الآونة الأخيرة ظهر شكلٌ آخر لهذا العلاج يسمّى (المواجهة أو جماعات تدريب الحساسيّة)، والرابط المشترك الذي يجمع بين كافة الطرق العلاجيّة هنا هو الهدف الذي تسعى كل نظريّة إلى تحقيقه، وهو التطوّر النفسي والاجتماعي للفرد، من خلال وجوده ضمن جماعةٍ يعبّر كل فردٍ فيها عن رأيه وأمانيه وأحلامه ومشاعره واتجاهاته نحو الآخر، سواء كانوا داخل المجموعة أو خارجها.
وما يميّز النوع الأخير هو إمكانيّة امتداد الجماعات العلاجيّة لتشمل أفراداً معافين في عدد من المنظّمات الاجتماعيّة أو المؤسسات الإداريّة، وذلك بهدف تطوير إمكانيّاتهم من خلال التعاون، ويطبق على هذه الجماعات اسم (جماعات التدريب)، وتعتبر هذه الطريقة من أهمّ الأساليب الجمعيّة المستخدمة. إضافةً لاستخدامها في مجالاتٍ عدّة ومتنوّعة داخل المجتمع.

تعريف العلاج النفسي الجمعي

·       تعريف موسوعة علم النفس والتحليل النفسي:
العلاج النفسي الجمعي هو أحد أشكال العلاج النفسي القائم على علاج المريض ضمن جماعة يختلف عدد أفرادها بحسب المدرسة التي يتبعها المعالج وهدف العلاج، ولكنّه في كافة الأحوال يستحيل أن يقل العدد عن اثنين.

·       تعريف سامي محمود علي:
يقدّم سامي وصفاً لكلّ ما يحدث داخل الجماعة العلاجيّة، من خلال تركيزه على اتجاهين هما:
-         الاتجاه الأوّل، والذي يرى أنصاره أنّ العلاج الفردي يماثل الجمعي، وأنّ العلاج الجمعي لا ينفرد بخصائص تميّزه عن خصائص العلاج الفردي، وأنّ ما يحدث في المستوى الجمعي هو عائدٌ إلى مستوى السلوك الفردي.
-         الاتجاه الثاني، أنّ للجماعات ميزات لا يتميّز بها الأفراد المكونين لها، وأنّ للجماعة وجودٌ مستقلّ عن الأفراد لها خصائصها غير المرتبطة بخصائص أيٍّ منهم، ووجود الفرد ضمن هذه المجموعات يخلق في أعماقه أنواع عديدة من السلوكيّات.

·       تعريف شيلدون كاشدان:
العلاج الجمعي يتضمن مجموعة من الأشخاص يتراوح عددهم ما بين ستة إلى ثمانية أشخاص، يجتمعون مرّة أو اثنتين أسبوعيّاً لمدة ساعة ونصف، وهذه المجموعة تتألّف من غرباء يلتقون بانتظام لمدة ستة أشهر إلى عام، ويمكن أن تحتوي المجموعة على عدد من المرضى كالمدمنين والمكتئبين، أو يمكن أن تكون مجموعةً غير متجانسة، كل تلك الأمور تتوقّف على طبيعة المدرسة التي ينتمي المعالج لها، أو أنّ التغيير الكبير واقعٌ على عاتق المجموعة، حيث يكون دور المعالج فيها هو التيسير.


علاقة العلاج النفسي الجمعي بالفروع العلميّة الأخرى

يعتبر العلاج النفسي الحقّ – بحسب هلجارد – هو المتصل بالعديد من الفروع العلميّة المختلفة، لأن العلاقة تكون متبادلة وتصب جميعها لصالح العمليّة العلاجيّة التي تنعكس بشكلٍ إيجابي على المريض، ومن أهمّ تلك الفروع التي يتصّل بها العلاج النفسي الجمعي هي:
(الطب العصبي، الطب العقلي الشرعي، علم النفس، الطب العقلي، القانون الجنائي، الخدمة الاجتماعيّة، علم الاجتماع، علم نفس الشخصيّة، علم النفس الاجتماعي، علم نفس النمو، علم نفس المرضى، علم النفس الفسيولوجي، القياس النفسي، علم النفس الصناعي، الطبّ البشري، والدين).


ميّزات علم النفس الجمعي

تتلّخص مزايا هذا العلم في عدد من النقاط، هي:
·       إعطاء الفرص لتعلّم العديد من الجوانب السلوكيّة، وبالتالي ممارستها من خلال الاستجابة المستمرّة لمتطلّبات الجماعة.
·       عادةً ما تتكوّن عدّة معايير داخل الجماعة، هدفها هو التفاعل المستمرّ بين أفراد المجموعة، وهذا الأمر يسهّل عمليّة تقييد بعض السلوكيّات غير المرغوب بها الصادرة عن الأفراد.
·       تغيير بعض المعايير الخاطئة التي يمكن أن تنشأ في المجموعة، كالنقد اللامنطقي والتهجّم واللامبالاة وغيرها من السلوكيّات التي يسعى المعالج إلى تغييرها.
·       التفاعل مع أعضاء الجماعة تمكّن الفرد من تقييم نفسه، وكلّ ما يصدر عنه، وبالتالي يتكوّن لديه رقابة ذاتيّة لأفعاله في محاولةٍ منه لتعديلها.
·       استخدام طريقة لعب الأدوار التي تعتمد على المرونة والتمثيل، وهي إحدى الوسائل للكشف عن المشاكل الشخصيّة، والتي يمكن بعدها استبصار الأخطاء ومن ثم السعي لتحسين الأداء.
·       تدريب الفرد داخل المجموعة للقيام بأدوارٍ اجتماعيّة كدور الأب أو الابن أو الرئيس... إلخ، ويشكّل تشجيع المجموعة للفرد دافعاً له للقيام بكافة متطلّبات الدور الجديد بنجاح.
·       يمكن استخدام هذا الأسلوب العلاجي ليس مع المرضى فحسب، لكنه يستخدم مع أفرادٍ يشكون من سوء التوافق والتكييف، إضافةً لاستخدامه في تحسين وتطوير أداء الأفراد وتفاعلهم في المؤسسات والدوائر المختلفة.
·       يتميّز هذا الأسلوب بقلّة تكلفته من الناحية الماليّة والبشريّة، فمن خلال جلسةٍ واحدة فقط يتمكّن المعالج من الجلوس مع ما يقارب عشرة أشخاص، ويمكن الوصول معهم في تلك الجلسة إلى نتائج إيجابيّة ربما تعادل أو تفوق العلاج النفسي الفردي.
·       تقلّ مشاعر التوتّر والقلق والشعور بالإثم، وتجعل الفرد أكثر تسامحاً تجاه الكثير من الخبرات الاجتماعيّة المحيطةِ به.
·       تنمية الثقة بالنفس بعد التقليل من حدّة تمركز الفرد حول ذاته، من خلال منحه الفرصة لتحقيق الذات عن طريق إحراز التقدير والمكانة.


سلبيّات العلاج النفسي

يقوم الأساس المتعارف عليه للعلاج النفسي على شخصين، المعالج والمريض أو المرضى، ويجب أن تتوافر في كلٍ منهما العديد من الصفات للوصول إلى الأهداف المرجوّة، وأي خطأ من أي طرف أو من كليهما يمكن أن ينعكس بشكلٍ سلبي على المرضى، محدثةً العديد من المضاعفات السلبيّة، منها
-         الانصراف الكلّي عن العلاج بعد ازدياد حالة التوتّر والقلق عند المريض.
-         إن استمرّ المريض في العلاج، فيمكن أن يلجأ إلى سياسة الدفاع، الأمر الذي يشكّل خطراً على تلك الجلسات، تكون نسبة الخطورة فيها أكبر من قطع العلاج.
-         لجوء المريض إلى العلاج الطبي فقط دون النفسي، ويمكن أن يبالغ في تعاطي عدد من العقاقير والأدوية الأمر الذي يؤدي إلى إدمانها.
-         لجوء المريض إلى الدجالين والسحرة.
-         يمكن أن يؤدي هذا الأمر إلى إدمان الكحول أو المخدرات.
-         في كثير من الأحيان قد يؤدي هذا الأمر إلى نكسة.
-         يمكن أن يتطوّر المرض ويتحوّل من عصاب إلى ذهان.
-         في حالاتٍ نادرة، قد يؤدي اليأس بالمريض إلى الانتحار.


أشكال العلاج النفسي

·       علاج ذاتي
·       علاج زوجي (العلاج الفردي بين المعالج والمريض)
·       علاج جمعي (موضوع الكتاب)
·       الجماعات الكبيرة
·       علاج البيئة أو علاج المجتمع

المسلّمات المتبعة في العلاج النفسي

-         يعتبر الفرد في هذا العلاج أكثر أهميّة من المجموعة.
-         لا يعتبر قائد المجموعة كأحد أعضائها.
-         باب العلاج الجماعي مفتوحٌ لكلّ من أراد الدخول فيه.
-         ليس هنالك أيّة أهداف للجماعة العلاجيّة.
-         يتمّ معالجة الفرد من خلال تواجده ضمن نطاق المجموعة.
-         لا يعتبر التفاعل في داخل المجموعة هدفاً.
-         لا يهدف المعالج الجمعي إلى ازدياد مستوى الضغط داخل المجموعة.
-         لا تعتبر المجموعة مكاناً للإدلاء بالاعترافات.
-         هناك العديد من السياقات غير الملائمة لجلسات العلاج الجمعي، كالأحاديث الجانبيّة أو الانتقاص والامتعاض، أو الإشارة لأشخاص خارج الجلسة أو التركيز على موضوعٍ بعينه.
-         كلّ ما يدور داخل تلك الجلسات هي من الأمور التي لا يسمح بتداولها.
-         كل عضو في المجموعة العلاجيّة ملزمٌ بالتعبير عن نفسه فقط.
-         لا يكون وضع المشاعر في تلك الجلسات أفضل من الأفكار.
-         التماسك بين أفراد الجماعة ليس هدفاً من أهداف العلاج.
-         متابعة الأحداث من جلسةٍ لأخرى هي جزءٌ مهم من أجزاء العلاج.
-         لا يوجد رابط بين ارتياح الفرد وفاعليته في الجماعة.
-         لا تعتبر كافة الانفعالات السلبيّة داخل الجلسات العلاجيّة أمرٌ سيئ، حيث أنه يمكن تجنّب تلك الانفعالات بشكلٍ تدريجي.
-         ليس هناك أيُّ جدول أعمالٍ للجماعةِ العلاجيّة.
-         تعتبر سلوكيّات المجموعة العلاجيّة محايدة، فهي ليست خيراً أو شرا.
-         يتمّ قياس مدى فاعليّة المجموعة بسلوك أفرادها خارجها.





الفصل الثالث
نظريّاتٌ في العلاج النفسي الجمعي



في مقدّمة هذا الفصل يذكر الكاتب بأنّ العلاج الجمعي له خلفيّةٌ نظريّة ينتهجها المعالج، وهذه النظريّات المطبقة في هذا العلاج هي نفسها التي تطبّق في العلاج النفسي الفردي، لكن يتمّ استخدام تكنيكات مغايرة أثناء العلاج النفسي الجمعي، وعلى كل من أراد التخصّص في مجال العلاج النفسي الجمعي تبني أفكار نظريّة محددة، مستندين إلى قول ديكارت:
"إذا كانت النظريّة بلا تجربة عمياء، فالتجربة بلا نظريّة عرجاء".
تصنّف نظريّات العلاج النفسي عند البعض إلى فئتين، هما:
·       علاج نفسي جمعي يرتكز على الفرد.
·       علاج نفسي جمعي يرتكز على الجماعة.

بينما هناك فئة أخرى تصنّف نظريّات العلاج النفسي إلى خمس فئاتٍ، هي:
·       تنتمي هذه الفئة إلى علم النفس الدينامي أو ما يسمى أفكار التحليل النفسي الجمعي عامة.
·       هذه الفئة منبثقة من ديناميّات الجماعة.
·       هذه الفئة حوّلت العلاقات بين الأفراد لموضوعٍ أساسي في فهم السلوك.
·       تعتبر هذه الفئة بأنّ السلوك يتعلّم عن طريق اكتساب المعلومات والمعرفة.
·       نظريّة الجشطالت في العلاج النفسي الجمعي.

وهنا يركز الكاتب في حديثه عن اتجاهين هامين في مجال العلاج النفسي الجمعي، يمثل كل اتجاهٍ منهما تيّاراً نظريّاً لا يمكن الاستهانة به، وهما:
الاتجاه الأوّل: نظريّة التحليل النفسي، ويندرج ضمن هذا العنوان اتجاهين آخرين، هما:
-         التحليل النفسي الكلاسيكي.
-         الدينامي.
الاتجاه الثاني: النظريّة السلوكيّة الكامنة وراء العلاج النفسي الجمعي، وهنا تتلاقى ثلاثةُ أطرافٍ نظريّة من خلال العلاج النفسي الجمعي، هي:
-         نظريّة التبادل الاجتماعي
-         نظريّات التعلّم الاجتماعي
-         نظريّة الدور الاجتماعي التي ترتكز على دراسة كافة المتغيّرات القابلة للملاحظة، إضافة للظواهر القابلة للقياس والتطبيق في التقدير السلوكي للجماعة.

نماذج لفنيّات تقف عليها نظريّة العلاج النفسي الجمعي السلوكي:
·        النموذج لـ(ألبرت بندورا)
·        تحديد أو تخطيط الدور
·        النموذج الرمزي
·       التسلسل المتدرّج للنموذج
·       التشريط الإجرائي
·       الاقتران الشرطي المضاد
·       إعاقة الحساسية





الفصل الرابع
التخطيط في العلاج النفسي الجمعي



في هذا الفصل يتطرّق الكاتب إلى عمليّة التخطيط المسبق لكافة المراحل والخطوات في العلاج النفس الجمعي، وهي تقع على عاتق المعالج صاحب الكفاءة المهنيّة العالية، لأن الكفاءة والتدريب شرطٌ هام لنجاح العلاج، ومن القضايا التي يجب التخطيط المسبق لها من قبل المعالج:
-         حجم المجموعة: ويتوقف العدد هنا على عدد من الاعتبارات هي:
1-              كفاءة المعالج ومهارته، إضافة لخبرته في قيادة الجماعة.
2-             يتوقف عدد المجموعة بحسب الإجراءات العلاجيّة التي سيتمّ استخدامها.
3-             مقدار عدد المعالجين المتواجدين في جلسات العلاج الجمعي.
4-             إضافةً لعدد النزلاء في المشفى، ومدى احتياجهم لهذا العلاج.
-         اختيار المرض، وهذا الموضوع خاضع لمحكّين، هما:
أ‌-              توفّر الرغبة لدى المريض في أن يكون عضواً في الجماعة، إضافة إلى توفّر الدافعيّة في أعماقه من أجل أن يتحسّن.
ب‌-         أن تتجانس الجماعة العلاجيّة في العديد من العوامل كالمرض والسن والذكاء، أو طبيعة المشكلة التي يعانون منها.
-         عدد الجلسات: لم يتمّ تقديم أي إجابة قاطعة بهذا الصدد.
-         طول أو مقدار الجلسة: وهذا الموضوع أيضاً مختلفٌ عليه.
-         اختيار مكان ملائم للجلسات: وتوقّف الاختيار هنا على نوع المشكلة المراد علاجها.
-         الطريقة المثلى لجلوس أعضاء الجماعة.
-         تعريف الأعضاء بالأهداف المراد الوصول إليها، والخطة العلاجيّة.

بعض ميكانيزمات الجلسة العلاجيّة بحسب (هولاندر وكازلوكا):

·       التحكم في التوقعات من خلال مناقشة عدد من النجاحات السابقة.
·       المعايير الجماعيّة، والتي تتأتى من خلال تدعيم الفارق للمعايير الملائمة المرتبطة بالسلوكيّات.
·       التعاقد من خلال وثيقة مكتوبة شبه رسميّة تحدد السلوك المراد تغييره.
·       النمذجة، وتتم من خلال العديد من الفرص المتاحة أمام المعالج لنمذجة السلوك المناسب.
·       الأدوار أو بروفات السلوك، ويتم من خلال إعطاء فرصة للجماعة لأداء السلوك المناسب.
·       التدريب على ممارسة السلوك المنشود، ويتم من خلال محاكاة المواقف بشكلٍ دقيق قدر الإمكان.
·       تكوين جماعاتٍ علاجيّة ثنائيّة.
·       التدّعيم من قِبل الأعضاء.
·       الأجر، وهذا الموضوع خاضع لاتجاهين هما:
1-              أنصار هذا الاتجاه يرون بأنه على المريض دفع الأجر بغض النظر عن ظرفه الاقتصادي، وهذا من شأنه أن يُلزم المريض بالجلسات العلاجيّة ويعلم مدى جديتها.
2-              أنصار هذا الاتجاه يرون بأنّ مسألة الأجر مرتبطة بالظرف الاقتصادي للمريض.
·       التسجيل خلال الجلسة العلاجيّة الجماعيّة، وقد أثار موضوع التسجيل العديد من وجهات النظر وهي:
-                     وجهة النظر الأولى قائمة على ضرورة عدم التسجيل أثناء الجلسة بأي شكلٍ من الأشكال، وأن يتمّ التسجيل إبان انتهاء الجلسة.
-                     وجهة النظر هذه قائمة على ضرورة إخبار المرضى بأنّ التسجيل عبارة عن إجراء روتيني يهدف إلى تدوين العمليّة العلاجيّة ونمو الأعضاء، وأن هذا الإجراء يصبّ في مصلحتهم في نهاية الأمر.
·       كيفيّة بدء الجلسات العلاجيّة الأولى، وتعتبر الجلسات الأولى هي الأصعب، وهنا يأتي دور المعالج الذي يجب عليه أن يفعل ما هو آت:
1-               في البداية يجب عليه الصمت التام حتى يقطع أحد أفراد الجماعة هذا الصمت، ومن شأن هذا الأمر أن يجر باقي أفراد الجماعة إلى التفاعل والحديث.
2-               يستهل المعالج شرحه بكل ما هو مطلوب من الأعضاء بعد الجلسات، مع التركيز على التزام الصدق والصراحة، وبأن كل ما يحدث داخل المجموعة هي مواضيع سرية لا يسمح بتداولها خارج الجلسة.
3-               ويمكن للمعالج أن يستهل جلسته العلاجيّة بالطلب من كل عضو أن يكتب قائمة بالمشكلات التي تواجهه ويريد التخلّص منها.
4-              بعض المعالجين يلجؤون في مستهلّ الجلسة إلى تكنيك إكمال العبارة أو الجملة بهدف خلق حالة من التركيز، وتنشيط المجموعة، والبدء مباشرة بالتفاعل مع بعضهم بعضا، والتحدّث عن الذات بصورةٍ أوضح، والقضاء على التوتر والتردد الذي يلازم الأعضاء في الجلسة الأولى.
5-              يلجأ معالجين آخرين إلى تكنيك كتابة خطاب شفوي مفتوح.
6-              قد يلجأ المعالج إلى الطلب من الأعضاء دعوة واحدٍ منهم ليطلق العنان لخياله، متصوراً في هذه أن الخيال قادر على تحقيق كل ما يصبو إليه، وهذا التكنيك مفيدٌ جداً لأنه يكشف عن آمال ورغبات الشخص وإحباطاته، وفي الوقت ذاته فإنه من شأنه إثارة خيال الآخرين وتحريرهم من قيود الواقع وأسره.
7-              يمكن أن يطلب المعالج من كل شخص تدوين انطباعاته الأولى عن كل فرد من أفراد الجماعة، وهذه الخطوة مهمة جداً لعدّة أسباب هي:
أ‌-                توضيح انطباع كل فرد عن الآخر
ب‌-           توضيح كيفيّة إدراك الفرد من قبل الآخرين.


العراقيل التي تعيق التوافق

1-   الافتقار إلى مهارات التكلّم والحديث.
2-   القلق الناتج عن مواجهة نماذج السلطة كالمربين والمدرّسين والآباء والرؤساء.
3-   القلق الناتج عن مواجهة الجنس الآخر.
4-   العزلة الاجتماعيّة
5-   شعور بالإهمال أثناء مواجهة الغير
6-   صعوبة تكوين صداقاتٍ عميقة.
7-   العجز عن نطق كلمة لا أو إمكانيّة الرفض.
8-   الافتقار إلى القدرة على تقديم أي اقتراح.
9-   الخوف من تبعيّات إظهار الاعتراض.
10-                     الافتقار إلى القدرة على مدح الآخرين والثناء عليهم.
11-                     التفكير الدائم بأمورٍ سلبيّة وقبيحة.
12-                     العجز في إظهار الغضب
13-                     العجز عن إقناع الآخرين بوجهة نظره، وعدم القدرة على الجدال والحوار.
14-                     الإدمان والاعتقاد بأن هذا الإدمان هو محور الحياة وأساسها.
15-                     العجز في مواجهة الضغوطات والإحباط.
16-                     الاتكاليّة العالية.
17-                     الشعور بالذنب والندم بشكلٍ مستمر.
18-                     عدم القدرة على التخطيط.


كيفيّة إنهاء الجلسات العلاجيّة

كما هي الصعوبات التي تعترض الجلسات في بدايتها تكون النهاية أيضاً، حيث يسود تلك الجلسة جوّ من التوتر والعديد من المشاعر الناتجة عن تفاعل الأعضاء مع بعضهم البعض، الأمر الذي أدّى إلى نموّ العديد من الخبرات والتجارب فيما بينهم، وهنا يلجأ المعالج لمجموعة من الأساليب وهي:
·       إخبار الأعضاء بقرب نهاية الجلسات بفترة شهر على الأقل، لإتاحة المجال أمام الأعضاء للاستعداد العقلي والنفسي.
·       التوضيح للأعضاء بأنّ جلسات العلاج الجمعي تلك شأنها شأن أيّ أمرٍ يحدث في الحياة، لابدّ له من النمو والتلاشي فيما بعد.
·       إخبار الأعضاء بأنّ كل مَن يحتاج منهم إلى معونة أو استشارة نفسيّة فإنه يمكن له الحضور في أيِّ وقت.
·       الطلب من الأعضاء عمل قائمة بأسماء كل عضو في الجماعة، وإلى جانب الاسم عليه كتابة إيجابيّات الشخص وسلبياته، فيرى كل شخص ما كتبه الآخر عنه من عيوبٍ وميّزات، ومن شأن هذا الأمر توضيح النتائج التي أسفرت عنها الجلسات العلاجيّة.
·       يمكن أن يطلب المعالج من الأعضاء كتابة السلوك الذي أرادوا تغييره، وهو سبب توجههم للعلاج النفسي الجمعي، وقد نجحوا بالفعل في تغيير تلك السلوكيّات.
·       يمكن للمعالج الطلب من كل فرد تحديد مجموعة من الأهداف لنفسه وعليه السعي لتحقيقها، وكيف يمكن له مواجهة العقبات التي ستعترضه.





الفصل الخامس
الشروط الواجب توافرها في شخصيّة المعالج النفسي الجمعي



يتناول الكاتب في هذا الفصل كافة الخصائص والسمات والشروط التي يجب أن يتحلّى بها المعالج النفسي الجمعي، حيث ذكر الشروط التي يجب توافرها في المعالج، وهي التي حددها (أنطون ستور) في كتابه (فنّ العلاج النفسي)، وهي:
·       أن يكون المعالج من المهتمين بالبشر من ناحيةٍ شخصيّة، أكثر من اهتمامه بالنواحي اللاشخصيّة.
·       حبه واهتمامه بالفنون المختلفة والأدب.
·       إمكانيّة الشعور مع الآخرين والتعاطف معهم.
·       القدرة على فهم أفعال الآخرين ودوافعهم المختلفة.
·       إمكانيّة مشاركة الانفعالات مع الآخرين والتعبير عنها.
·       وعي المعالج بمشاعره الشخصيّة، وفي المقابل يمكن له فهم مشاعر الشخص المريض.
·       غير متسلّط، ومعرفة أنّ دوره مع المريض ينتهي بعد مقدرة المريض على معاونة نفسه، وبالتالي فإنّ دوره هذا لن يكون لفرض أسلوب حياة أو شروط على المريض.
·       الوعي لكل احتياجات ورغبات الآخرين.
·       القدرة على حثّ الأشخاص على الكلام باستخدام أقلّ الكلمات.
·       القدرة العالية على الصمت لفتراتٍ طويلة، وقد يظهر هذا الصمت كسلوكٍ سلبي في البداية، إلا أنه من مهمة المعالج تحويله لأسلوبٍ عملي إيجابي من خلال ترتيبه للأفكار وربطها ببعضها البعض... إلخ.
·       المقدرة على فصل المشاكل الشخصيّة التي تعترض المعالج عن مشاكل الأشخاص الآخرين.
·       القدرة العالية على العطاء والحب والتعاطف مع الآخرين مهما بلغت عجائبهم وتعقيداتهم واختلافاتهم.

أمّا الدراسات التي تمّ إجراؤها، فقد رأت ضرورة توافر ثلاثة شروطٍ أساسيّة في شخص المعالج وهي:
1-  التعاطف
2-  الدفء
3-  الصدق

قدّم رشدي منصور بعض الخصائص التي يجب توافرها في شخصيّة المعالج، وهي:
-         حب عمله في مجال العلاج النفسي، لاحتواء هذا العمل على نوعين من المشاعر المتناقضة، كالشعور بالسعادة جرّاء الشعور بمنح السعادة للآخرين وتخفيف من معاناتهم، وشعور بالمشقّةِ والإرهاق جراء الخوض في هموم الآخرين ومعاناتهم.
-         حسّ إكلينيكي، وهي امتزاج الأحاسيس والمشاعر مع الجانب المعرفي العقلي ضمن وحدةٍ واحدة يطلق عليها اسم (الحدس الإكلينيكي).
-         الفطنة إلى حتميّة الذاتيّة.
-         التواضع
-         الاستماع بأذنٍ ثالثة، كأن يتمكّن من الوصول الى الأقوال التي لم يقلها المريض جراء تفاعله وتعاطفه الكبير معه، وكأنه قد استخدم أذناً ثالثة للوصول إلى كل ما أحجم المريض عن قوله.
-         الذكاء
-         الانشغال بمشكلة المريض.
-         الإصغاء الجيّد هو الحديث الجيّد.
-         المعالج المخضرم يفكر طويلاً ويتحّدث قليلاً،  حيث ينطبق عليه القول " خير الكلام ما قلّ ودلّ ".
-         الاعتراف بأي خطأ يقترفه.

الإجراءات التي يتمّ اتخاذها في عمليّة اختيار المرشحين للتدريب في معهد التحليل النفسي في لندن:
1-  يطلب من المرشح المتقدّم في البداية الالتحاق بمقررٍ تمهيدي لمدّة عام على الأقل، ويتضمّن حضور جلسةٍ علاجيّة أسبوعيّة مغلقة تحت إدارة أحد أعضاء المعهد، في تلك الفترة يتمكّن المرشحون من اكتشاف رغباتهم في استمراريّة التدريب.
2-  في نهاية المقرّر يقابل المرشحون المنسق بالمعهد أو مدير التدريب، ويتمّ خلال هذا اللقاء تقييم شخصيّات المرشحين من خلال البحث معهم دراستهم السابقة والخبرات التي اكتسبوها من عملهم، إضافةً لتوقعاتهم المستقبليّة.
3-  إن تمكّن المرشح من اجتياز المقابلة بنجاح، فعليه بعدها مقابلة الاستشاري النفسي الذي يعمل تقييماً كاملاً للمرشّح مستكشفاً حياته الخاصّة الحاليّة والسابقة، مستخدماً التفاعل الذي يحدث بينهم للخروج بانطباعٍ عن نواحي القوّة والضعف في المرشح.
4-  في هذه المرحلة يتقدّم المرشح لمقابلةِ لجنة محكّمين مكوّنة من ثلاثةِ أعضاء.
5-  قبل مقابلة المرشح تطلع لجنة التحكيم على تقارير مقدّمةً من مدرب المقرّر التمهيدي والمنسّق وتقويم الاستشاري، إضافة للأوراق المقدّمة من قبل المرشّح والتي تشمل سيرة حياته والأسباب التي رغّبته في التدريب، وثلاث رسائل توصية من أشخاصٍ يعرفون طبيعة عمله.
6-  يتمّ إجراء لقاءً مطوّل بين المرشّح ولجنة التحكيم، يتضمّن تغطية كافة المسائل الشخصيّة والمهنيّة والعديد من الأمور الأخرى ذات الأهميّة والتي تتضح من خلال التقارير المقدّمة عن المرشح.
7-  وهنا تأتي المرحلة الأخيرة التي يتمّ بها عرض الموضوع على لجنة العضويّة التي تقوم باستعراض كافة التقارير المقّمة بما فيها تقرير لجنة المحكّمين، وتزنها بالآراء المتعارضة، لتظهر النتيجة بعدها سواء كانت قبول أو رفض أو تأجيل.





الفصل السادس
أنواع من العلاجات النفسيّة الجمعيّة
العلاج بالسيكودراما



يتطرّق الكاتب في هذا الفصل لأحد أساليب العلاجات الجمعيّة، وهو العلاج بالسيكودراما المغاير لأنواع العلاج النفسي الأخرى، وفي بداية حديثه عن الموضوع يقوم بتعريف السيكودراما بحسب مورينو المؤسس لهذه الطريقة العلاجيّة، حيث ذكر بأن هذا العلاج هو ثورة على كل ما هو قائم، وفيها يتم استخدام لغة الجسد كنوعٍ من التعبير، وتحويلها إلى لغةٍ عالميّة واسعة الاتصال.
أمّا من الجانب السيكولوجي فإنّ لغة الجسد تحتوي على أعمق اللغات، وهي التي تسبق مرحلة الاتصال الكلامي أثناء النمو الجسدي، ولهذا فإنّ هذا العلاج يلائم جميع الأفراد على مختلف مراحلهم العمريّة.
والسيكودراما بحسب (ستار) هي عبارة عن طريقة علاجيّة جماعيّة، يستخدم فيها التمثيل لمساعدة المريض على حلّ مشاكله من خلال معاونة المخرج له أو مساعده، ويستطيع المريض من خلالها التفاعل مع العلاقات والمواقف التي تسبب التوتّر والاضطراب له، فمن خلال هذه العمليّة وقيامه بهذا الدور التمثيلي يتعلّم الآليّة التي تمكّنه من تجاوز أزماته.
أمّا (لوتز) فإنه يعرّف العلاج السيكودرامي على أنه لفظة تتكوّن من مقطعين، الأوّل سيكو والذي يعني النفس، أمّا المقطع الثاني دراما وتعني الحركة أو الفعل، والتي تعني في النهاية (حركة النفس)، وهذا النوع من العلاج – بحسب لوتز – يستخدم التكتيكات المسرحيّة في سبيل الوصول إلى حقيقة المشكلة في ي شخصيّة المريض، وأوضح لوتز بأنه يجب التفريق بين السيكودراما والسيسيودراما، وتعني الأخيرة تناول المشاكل المتصلة بتركيبة الجماعة أو وظيفتها.


السيكودراما بوصفها أحدى طرق العلاج النفسي

تقوم فلسفة العلاج بهذه الطريقة، على أنّ الإنسان في الحقيقة يعاني من اضطراباتٍ انفعاليّة تجبره على العزلةِ والانطواء، والتخوّف من التفاعل مع الآخرين، ومن هذا المنطلق فإن العلاج السيكودرامي الجمعي يتيح لهذا الشخص المجال في التفاعل والتجاوب حتى لو باستخدام لغة الجسد التي ترتكز على الإشارات والإيماءات، ثم تتحوّل لاحقاً إلى أداةٍ قد تدرّب عليها واكتسبها في كيفيّة التعامل الناضج مع الآخرين.


السيكودراما بوصفها وسيلة علاجٍ اجتماعي

انتهج مورينو خطّين لعلاج المشكلات الاجتماعيّة وهما:
·       في خطه الأوّل حاول فيه تشخيص المشاكل التي يتعرّض لها المجتمع، وبالتالي فإنها تؤثّر سلباً على الفرد فيه.
·       وفي خطه الثاني حدد الأدوار الاجتماعيّة التي تشكّل صورة مجمّعة للنمط الاجتماعي الذي يتشارك فيه أفراد الجماعة.

اعتبار السيكودراما كأحد وسائل التدريب

تأخذ معاهد التدريب الخاصّة بالسيكودراما ثلاث مستوياتٍ تدريبيّة وهي:
-         القيام بإجراء اختباراتٍ تلقائيّة تهدف إلى انتقاء أكثر الأفراد المستخدمين للغة الجسد كفاءة.
-         حضور جلسات العلاج على اعتبار أنه عضوٌ في الفريق، وأن يقوم بدور المريض أو المساعد لبعض المرضى.
-         القيام بتدريب مجموعة من الأشخاص لتوعيتهم بحجم الصعوبات التي يمكن أن تعترضهم، ومدى مهارة كل فردٍ فيهم لتجاوز تلك الصعوبات.


السيكودراما على اعتبار أنها أحد وسائل التربيّة والتعليم

يؤدي استخدام السيكودراما في مجال التربية والتعليم، إلى تحقيق العديد من الأهداف هي:
1-  تساعد السيكودراما الطلاب على تمثيل صراعاتهم ومخاوفهم ومشاكلهم وعلاقاتهم المتوترة، وهذا يدفع الطالب إلى التعبير عن كافة انفعالاته.
2-  تعلّم لغة أخرى بكلّ سهولة من خلال أدائها على المسرح.
3-  بث الشجاعة في نفوس الطلاب الذين يعانون من الخجل وعدم القدرة على مواجهة الآخرين.
4-  تنمية الثقافة وتطويرها من خلال إنشاء نوادٍ للسيكودراما، يتمّ فيها عرض أفلام على مجموعة من الأشخاص، ومن ثمّ تتمّ مناقشتهم في أهمّ المشاهد التي أثارت انفعالاتهم.


السيكودراما على اعتبار أنها نوع من الترويح عن النفس

يمكن النظر إلى الفعل السيكودرامي على اعتبار أنه فعل يهدف إلى الاستجمام والترويح عن النفس، وإضفاء طابع من المرح والسعادة للأشخاص، من خلال القيام بالتمثيل أو لعب الأدوار التي لم يتوقع الفرد بأن يقوم بها يوما، الأمر الذي يدعوه لتخيّل مشاهد يمكن أن تدخل ضمن التكنيك السيكوكوميدي، ومن خلالها يستطيع الفرد القيام بأي فعلٍ دون تردد أو خوف من العواقب، وهذا الأمر يسهم في فهم الفرد لشخصيته.


خطوات وفنيّات العلاج السيكودرامي

لا بدّ من توافر عدد من العناصر التي تمكّن من القيام بالعلاج السيكودرامي، وهي:
1-  المسرح
2-  المخرج (المعالج النفسي)
3-  البطل (الشخص المريض أو المضطرب)، لكن هنا يطلق عليه اسم البطل لقدرته على القيام بالأدوار المتعددة إضافةً لدوره الذاتي.
4-  الأنا المساعدة (الشخص المشارك في العلاج).


فنيّات العلاج السيكودرامي
·       أسلوب مناجاة النفس (يتمّ بين الشخص وذاته).
·       أسلوب المرآة (تستخدم في هذا الأسلوب الأنا المساعدة).
·       أسلوب تقويم النفس (يستخدم هذا الأسلوب عادةً مع الأطفال).
·       أسلوب انعكاس الدور.
·       أسلوب التعلّم الاجتماعي أو النمذجة.
·       المقعد الخالي (يستخدم فيه مقدٌ خالي بدلاً من شخص للقيام بالدور الدرامي).
·       الدوبلير أو الشبيه أو المثيل (يستخدم الأنا المساعدة في القيام بلعب دور جزء من الذات المريضة).
·       الصور الطيفيّة.





الفصل السابع
العلاج الجمعي للمدمنين



يتحدّث الكاتب في هذا الفصل عن الإدمان الذي يثير العديد من الإشكالات والقضايا، ومن أهمها توالي الانتكاسات على الرغم من الخبرات العلاجيّة، بسبب المفاهيم الخاطئة السائدة في الساحة العلاجيّة، كمفهوم تطهير الجسم من الأعراض الانسحابيّة يقود إلى التعاطي.
وقد أكد وكلر وغيره على تكرار الانتكاسات التي تحدث عقب خروج المتعاطي من المؤسسات العلاجيّة بعد تحرره من هذا المخدر لفترة، لكنه لا يخلّى عن الرغبة في العاطي لأنها عبارة عن رغبة قهريّة تدفعه إلى الانتكاس خاصّة مع توافر الحفزات كأماكن التعاطي والأقران ورائحة المخدّر والأدوات، ولهذا فإن التركيز على العقاب هنا لا يفيد في شيء، بل لا بد من إلقاء نظرة شموليّة متكاملة على المشكلة في كيفيّة التعامل مع الإدمان وتلك الانتكاسات، وتخليص المدمن من السلوكيّات السيئة التي اكتسبها بفعل الإدمان.


واقع الأبحاث والدراسات في مجال الإدمان

في استعراضٍ لواقع تاريخ دراسات المدمنين والإدمان، نتج عنه مجموعة من الملامح وهي:

·       ملامح الدراسات والبحوث الأجنبيّة في مجال الإدمان وتناول المخدرات:
-         المحور الأوّل : اتجهت عدّة دراسات إلى البحث عن مدى انتشار التعاطي في المجتمع، وشملت تلك الدراسات الشرائح الأكثر استهدافاً للوقوع في التعاطي، آخذين بعين الاعتبار العوامل الاجتماعيّة والنفسيّة والاقتصاديّة المرتبطة بالتعاطي.
-         المحور الثاني، اهتمّت الدراسات في هذا المحور بالكشف عن العوامل المتشابكة التي أدّت إلى التعاطي عن طريق طبيعة المدمن واحتياجاته الشعوريّة واللاشعوريّة وخصائصه، وطبيعة المادة المخدرة، وهنا يجب الأخذ بعين الاعتبار طبيعة البيئة التي يتواجد الشخص بها، ومدى قبوله أو رفضه لأحد أنواع المخدّر، حيث أنّ هذه الدراسات ترتكز على منشأ الإدمان.
-         المحور الثالث، وهنا اهتمّت الدراسات ببحث العلاقة بين الاضطرابات النفسيّة والجسديّة والإدمان، وأنّ اللجوء إلى المخدّر يكون بداية كنوعٍ من العلاج الذاتي.
-         المحور الرابع، في هذا المحور ركزت الدراسات على الوقاية وطرق وأساليب العلاج والتأهيل، وذلك من خلال التركيز على عدد من الحقائق، مثل أن للوقاية عدد من الدرجات والمستويات لتكون فاعلة، وأنه يجب أن تتضمن عدداً من الشروط، وأن طرق العلاج متنوعة ومختلفة وفقاً لطبيعة الشخص وتاريخه مع الإدمان، وهل سيكون التأهيل ضمن مجتمعٍ علاجي أو بدون عزلٍ في مجتمعه الطبيعي.

·       ملامح الدراسات والأبحاث في الواقع العربي:
-         ملامح الدراسات النفسيّة، بعد اجراء دراسة لإسهامات البحوث المصريّة في مجال الإدمان على مدى ثلاثة عقودٍ ونيّف، توصّل إلى أنّ تلك الدراسات قد أثارت العديد من القضايا الميدانيّة في مصر، وهي:
v    أسباب ودوافع الإدمان
v    المواد المخدّرة (أنواعها وأضرارها)
v    ديناميكيّة المدمن
v    النظريّات التي فسّرت الإدمان
v    بعضاً من المتغيّرات المرتبطة بالإدمان.
v    المقارنة بين بعض الفئات من المدمنين.
v    المقارنات الغير ثقافيّة
v    قضيّة الأطفال والإدمان.
-         ملامح الدراسات الاجتماعيّة
1-  كان الاهتمام في الماضي منصبّاً على تحليل الظروف في محيط الفرد، وتحديداً الدوافع النفسيّة والاجتماعيّة التي أدت إلى التعاطي.
2-  أغلب الدراسات في هذا الصدد انطلقت التفسير المحلّي، دون التطرّق إلى أسباب تزايد انتشار هذه الظاهرة أو الإطار العلمي لها.
3-  ركّزت البحوث والدراسات في السابق على التركيز على المدمن بصفته الفاعل، مهملة كافة الجوانب الأخرى التي يجب تناولها، مثل الترويج والاتجار والتي من شأنها إلقاء الضوء على كيفيّة انتشار الأنواع الحديثة من المواد المخدرة.
4-  انطلقت معظم تلك الدراسات من نقطة التأثير السلبي للمواد المخدرة على الفرد والمجتمع، دون التطرّق إلى تأثير الجهل والتخلّف على حجم انتشار هذه الظاهرة.
5-   تقوم تلك الدراسات بتقديم توصية للحد من انتشار هذه الظاهرة من خلال اتباع أسلوبين أساسيين أحدهما يكون علاجي، أما الآخر هو أسلوبٌ رادع عن طريق تشديد العقوبات، دون التطرّق إلى موضوع التأهيل الاجتماعي.


الأسباب التي تؤدي إلى بحث المدمن عن العلاج:
·       تشديد الطوق من قبل محيط المدمن كـ(الأسرة والأصدقاء والأجهزة الأمنية).
·       تراجع فاعليّة المادة المخدرة، والذي من شأنه التأثير سلباً في الحالة المزاجيّة للمدمن.
·       التسمم الحاد الذي يتعرّض له المدمن، إضافة لاعتلاله البدني.
·       فشله من محاولته الذاتيّة في الامتناع عن التعاطي.
·       عدم توافر العقار المستخدم، الأمر الذي يؤدي إلى إصابته بالأعراض الانسحابيّة الحادّة التي تستلزم دخوله للمستشفى.
·       الملل من هذا السلوك، ومحاولةً منه لوضع حد لآلامه ومشاكله المتراكمة الناتجة عن الإدمان.


الصعوبات العلاج النفسي الجمعي للمدمنين

تكمن الصعوبات العلاجيّة للمدمن في مشكلتين، هما:
المشكلة الأولى تتعلّق بالأعراض المرضيّة التي تقود المدمن للعلاج النفسي الجمعي للتخلّص منها أو التخفيف من حدّتها.
المشكلة الثانية تتعلّق بالعلاج النفسي الجمعي، والتي تدفع المدمن إلى تحاشي العلاج ورفضه.


العوامل التي تؤدي منع الاستفادة من العلاج النفسي الجمعي:
1-  فشل سابق في العلاج النفسي الجمعي، وقد جاء هذا الفشل نتيجة تعرض المدمن لنقدٍ عنيف أو كشفٍ صريح لعيوبه ونقائصه، ويمكن أن يكون هذا الفشل قد نتج عن رؤية المدمن لأحد أعضاء الجماعة في حالة انهيار، أو نتيجة الفشل في حماية ذات المريض خلال التراشق لفظي من شأنه المساس بخصوصيّة المدمن، أو نتيجة فشل المدمن التواصل والتفاعل مع أعضاء الجماعة وشعوره بالذنب الناتج عن هذا الأمر.
2-  اتجاهات علاجيّة غير مرضية، من خلال الفكرة السائدة بأنّ العلاج النفسي هو فقط للمجانين، ولا قيمة له، إضافةً لهذا فهو طويل الأمد.
3-  ضعف الاستعداد النفسي للقيام بالواجبات العلاجيّة المطلوبة.
4-  زيادة انطواء المدمن وانعزاله.
5-  كره المدمن لمفهوم العمل الجماعي، وهذا الأمر ينطبق على العلاج النفسي الجمعي.
6-   حصول عدد من التوقعات الغير مؤكدة ومنها:
-                    توقّع فشل المعالج في إتمام الشفاء.
-                    حدوث مكروه خلال جلسات العلاج.
-                    عدم جدوى العلاج في حدِّ ذاته.
-                    حدوث توتر وإلحاق الضرر.
-                    توقّع إفشاء أسرار الجلسة العلاجيّة من قبل بعض الأعضاء.
7-   ضعف الثقة في المجموعة، وهنا تكون ضعف الثقة عمليّة متبادلة.
8-   نقصٌ في المهارات الاجتماعيّة.
9-   عدم الثقة والاقتناع بمفهوم العلاج النفسي الجماعي، والناتج عن نقصٍ في المعلومات حول هذا العلاج، إحاطة هذا العلاج بكم من الشروحات المزيفة والمشوهة، ويظهر عدم الثقة بلامبالاة الشخص وعدم اهتمامه.
10-                     الصمت، وهو أحد فنون العلاج النفسي الجمعي، لكنه يمكن أن يكون مضرّاً، يبدأ هذا الأمر في محاولة الحديث في أي كلام للهروب من هذا الصمت.
11-                     مقاومة العلاج النفسي الجمعي، من خلال مقاومة العلاج بحدِّ ذاته، والخوف من الشفاء، وتفضيل الأمور الراهنة عن اللاحقة، والتوتر والخوف من كشف ما يخفيه المريض.
12-                     تبني أفكار خاطئة منقولة من الآخرين عن هذا النوع من العلاج النفسي.
13-                     انخفاض الدافع للمشاركة في العلاج النفسي الجمعي أو الانخراط فيه.
14-                     القيام ببعض الأدوار التي تعيق العلاج في المجموعة.
15-                     ارتفاع نسبة التوتّر والعنف داخل المجموعة.
16-                     عدم الرضوخ أو الانصياع لمعايير الجماعة العلاجيّة.
17-                     ضعف الثقة في شخص المعالج.
18-                     ضعف الانتماء إلى الجماعة.
19-                     افتعال أموراً غير جيدة تجاه المؤسسة العلاجيّة.
20-                     سلوك اتجاهات غير مرضية تجاه العلاج النفسي بشكلٍ عام.
21-                     سلوك اتجاهات سلبيّة نحو كافة المؤسسات العلاج.
22-                     الخوف المستمر لإفشاء بعض أفراد الجماعة للأسرار خارج نطاق الجلسة.
23-                     رفض الانتقال من أسلوب علاجي لآخر، أو من وحدةٍ علاجيّة لأخرى.
24-                     الخوف من مواجهة الغرباء المتمثلين بأفراد المجموعة في الوحدة العلاجيّة الجمعيّة.
25-                     الخوف من الشعور بأن يكون منبوذاً داخل الجلسة.
26-                     الخوف من سخرية أعضاء المجموعة واتحادهم عليه.
27-                     الميل للاعتقاد بأنّ كافة الأساليب في هذا العلاج هي واحدة.
28-                     عدم الشعور بالارتياح من أماكن عقد الجلسات العلاجيّة.
29-                     الخوف من سلوك بعض أعضاء الجماعة العلاجيّة الذين يحضرون إبان الجلسة، ويتمثل الخوف من خلال حدوث مناقشاتٍ جانبيّة بين الأعضاء، والسخرية من المدمن إضافة للتحرّش به، وخوفاً من تعرضه للأذى البدني من قبل أحد أعضاء الجماعة، وخوفاً من إطلاق شائعات وأقاويل مغرضة عنه.
30-                     اعتقاد المدمن بأنه قد تمّ شفاءه فلا حاجة لبقائه أكثر، واستمراره في تلك الجلسات.
31-                     مدّة الجلسة العلاجيّة يثير في نفسه الملل والإرهاق والضجر.
32-                     ضعف الروابط الانفعاليّة بين الجماعة العلاجيّة والمعالج.
33-                     المواعيد الغير مناسبة لتلك الجلسات سواء من ناحية الوقت أو التاريخ.


مراحل العلاج

المرحلة الأولى: التقييم
·       دور الطبيب النفسي، ويتلخّص هذا الدور في عدّة نقاط هي:
-                     إجراء تطهير لجسم المدمن من السموم التي تسري به.
-                     استعدادات طبيّة لمواجهة الارتداد الذهني الحاد المرافق لعدد من أنواع التسمم التخديري.
-                     اجراءات طبيّة لمواجهة حالة الإفراط في الجرعة.
-                     اجراءات طبيّة لمواجهة المضاعفات الناتجة عن الإدمان بصفة عامة.
-                     إجراءات طبيّة لمواجهة مضاعفات الإدمان التي ترتبط بنوع المخدّر الذي كان يتعاطاه المدمن.
·       دور الأخصائي النفسي الإكلينيكي، ويتلخّص هذا الدور في:
-                     معرفة الدوافع التي أدّت بهذا الشخص إلى الإدمان.
-                     معرفة ما إذا كان هذا الشخص يعاني من اضطراباتٍ عقليّة أو نفسيّة كانت سبباً في الإدمان.
-                     معرفة مدى التوافق بين الشخص وذاته.
-                     معرفة شكل علاقات المدمن الاجتماعيّة، وهل يملك أي نوع من المهارات الاجتماعيّة أم لا.
-                     التعرّف على السمات الشخصيّة للمدمن وهل يعاني من أي نوعٍ من الاضطرابات، وماهي شدتها وما مدى تأثيرها على سلوكه.
-                     تطبيق بعض الاختبارات النفسيّة، التي يمكن من خلال استشعار حسه الاكلينيكي الإجابة عن العديد الاستفسارات أو يمكن تأكيد بعض خطوط التشخيص للحالة.
-                     اختيار العلاج الفردي أو الجماعي للمدمن، ويتمّ تحديد هذا الأمر من خلال الخبرة في هذا المجال إن وجدت.
-                     من أنجع الأساليب للتعامل مع المدمن هو العلاج السلوكي والعلاج العقلاني.
·       دور الإخصائي الاجتماعي، ويتلخص هذا الدور فيما يلي:
-                     معرفة طبيعة التكوين الأسري للفرد المدمن.
-                     معرفة كميّة الأضرار التي لحقت به جراء الإدمان، ومدى انعكاس تلك الأضرار على محيطه.
-                     معرفة مقدار الدعم الأسري أو عدمه للمدمن.
-                     معرفة شبكة علاقات المدمن، والتي يمكن أن تكون هي المحرضة له على الاستمرار في التعاطي.
-                     المشاركة مع المعالج النفسي في العلاج الأسري.
·       دور المرشد الديني، ويتمثل هذا الدور في:
-                     التعرّف على طبيعة المعتقد الديني للمدمن.
-                     معرفة إن كان المدمن شخصاً ملتزماً من الناحية الدينيّة، سواء في الوقت السابق أو الحاضر، وهل يقوم بأداء العبادات الدينيّة.
-                     حثّ المدمن على إجراء العبادات باعتبارها أحد المدخلات نحو العلاج.
·       دور مرشد التعافي:
-                     التعرّف على تاريخ المدمن مع المخدّرات أو التدخين.
-                     التعرف على عدد الجرعات التي يتعاطاها، وهل هي ثابتة أم أنها متزايدة.
-                     التعرّف على أساليب المراوغة التي يتبعها المدمن.
-                     التعرّف على أسباب انتكاس العلاج في كلّ مرّة.
-                     القيام بالتدخلات العلاجيّة بوساطة الخطوات الاثني عشر، والقيام بالانضمام إلى مجموعات المساندة الذاتيّة.
·       دور مرشد التأهيل
-                     التعرّف على الهوايات التي كان يمارسها المدمن قبل التعاطي.
-                     معرفة كيفيّة قضاء المدمن لأوقات الفراغ.
-                     معرفة اهتماماته وميوله.
-                     توجيهه نحو أنواع من الهوايات التي من شأنها تحقيق الإشباع له بعيداً عن التعاطي.
-                     تدريبه على أنواع جديدة من الهوايات ليشغل بها أوقات فراغه.

المرحلة الثانية: التشخيص
وفي هذه المرحلة يكون المحلل الإكلينيكي قدّ توصّل إلى تحديد مشاكل المريض، والتي نتج عنها أو رافقها أو كانت سبباً في الإدمان، وهناك ستةّ عناصر أساسيّة قدمها (مونرو) يتمّ من خلالها النظر إلى هذه المشكلة، وآليّة التعامل معها، وهي:
1-  احتمال تواجد عناصر المخاطرة بدرجةٍ كبيرة في الاضطرابات النفسيّة المصاحبة للإدمان.
2-  تقديم برامج تأهيليّة وعلاجيّة مناسبة للأشخاص المدمنين الذين يعانون من الاضطرابات النفسيّة المصاحبة لهذا الإدمان.
3-  تفسير تلك الاضطرابات بأنها ناتجة عن الإدمان.
4-  حدوث بعض الاضطرابات الناتجة عن الأعراض الانسحابيّة.
5-  تواجد إدمان واضطراباتٍ نفسيّة في آنٍ معاً، واستمرار هذا الوضع لفترةٍ طويلة.
6-  إصابة الشخص باضطراباتٍ نفسيّة والإدمان الذي يعاني منه في ذات الوقت، دون وجود أي علاقة لتلك الاضطرابات بحالة الإدمان.


المشكل التي يعاني منها المدمنين بشكلٍ عام هي:
·       الاكتئاب
·       القلق الشديد
·       نقص في المهارات الاجتماعيّة
·       عدم القدرة على حلّ المشاكل.
·       الاتكاليّة والسلبيّة.
·       ضعف في تأكيد الذات.
·       مخاوف اجتماعيّة.
·       عدم القدرة على تحمّل المسؤوليّة والعجز عن اتخاذ القرارات.
·       الإحساس بالضعف والدونيّة.
·       عدم القدرة بالتعبير عن الغضب.





الفصل الثامن
العلاج النفسي الجمعي بالموسيقى



يتطرّق الكاتب هنا إلى أحد ألوان الجمال التي يسعى الإنسان إلى اللجوء إليها في كافة الأوقات (الموسيقى)، واستخدامها في العلاج النفسي الجمعي.
روح الإنسان تواقة لكل ما هو جميل، فتارة هو يتأمل الطبيعة ويغني ويرقص، ويجسد الجمال عن طريق رسوماتٍ نحتها على جدران الكهوف منذ غابر العصور، فتحدّت الطبيعة لتبقى صامدة تنقل لنا حب وشغف الإنسان الأول بالجمال.
الحياة لولا مظاهر الجمال فيها ستغدو مملة لا روح فيها، وتحديداً الموسيقى لأنها تعتبر الدافع للتخيّل، حتى العلاج النفسي والعضوي يرتكز على الفن والجمال والموسيقى على اعتبار أنه وسيلة غير لفظيّة للكلام والتواصل.
ويمكن أن يتداخل العلاج بالفن مع العلاج بالعمل لاتصالهما في بعض المحاور، فالعمل يمكّن المريض النفسي من التعبير عن نفسه وما يحمله في أعماقه من تعبيرات لا يستطيع الإشارة إليها عن طريق الكلام، والعلاج بالعمل يشمل الرسم والنحت والتصوير الزيتي والخزف والنسيج وطباعة المنسوجات والتريكو وأشغال الإبرة والخيزران والآلة الحاسبة والتجارة وغيرها، بحيث يكون الهدف من القيام بها تشخيصيّاً وعلاجيّا في ذات الوقت، لأن الإنسان من خلال القيام بتلك الأعمال فإنه يعبر عن ذاته، إضافةً لتخلّصه من الشحنات المكبوتة في أعماقه.
الإهتمام بالفن قديم قدم الإنسان على الأرض، ومن الروّاد الذين انضموا للعلاج النفسي بالموسيقى (هارت أبير، فسيليس، سيمور، فان دي وال)، وأصدروا بهذا الصدد كتاباً أطلقوا عليه اسم (استخدام الموسيقى في السجون والمصحّات العقليّة).
إبان الحرب العالميّة الثانية برز دور الموسيقى في العلاج لرفع الحياة المعنويّة لدى جرحى الحرب والأشخاص الواقعين تحت شباك الضغوط النفسيّة.


فوائد العلاج بالفن

·       للفن بكافة أشكاله وصوره دورٌ فعّال في تحرير النفس من توتراتها وصراعاتها الداخليّة.
·       يساعد الفرد على الدخول في حالة من الهدوء والاسترخاء.
·       يساعده في تقبّل ذاته.
·       إبراز القدرة التنافسيّة في التفوّق.
·       تخليص الفرد من فوبيا التواجد مع الآخرين.
·       يسهم الفن في إبراز الصراعات الداخليّة، الأمر الذي يسهم في تشخيص الحالة التي تعتبر أولى الخطوات في طريق العلاج.
·       يمكّن الفن من التنفيس عن الذات.
·       يمكّن من العودة من جديد للإتزان النفسي.


العلاج النفسي بالموسيقى

صدرت العديد من المجلات العلميّة الدوريّة المتخصّصة في مجال العلاج الموسيقي، حيث قامت تلك المجلات بنشر الدراسات والأبحاث حول أهميّة الموسيقى في علاج الاضطرابات النفسيّة.
والعلاج بالموسيقى هو من خلال استخدامها في علاج المريض بهدف تخليصه من التوتّر والاضطراب، والوصول به إلى حالة توافقٍ واتزان مع نفسه، وتستخدم الموسيقى في العلاج النفسي الفردي والجماعي.


أسس العلاج بالموسيقى

فور سماع الإنسان للموسيقى، فإن من شأنها استثارة العديد من أوجه الاستجابة للعلاج، لأنها تحدث انفعالات في نتيجة استجاباتٍ مختلفة ناتجة عن الإشارات العصبيّة المرسلة للمخ، فينعكس أثر تلك الإشارات من خلال الإستجابة بطريقةٍ أو أخرى، فالموسيقى وليدة الأحاسيس والمشاعر وأحداثها – بحسب هانزليك – لا تنتمي لحياتنا اليوميّة، فمن شأنها خلق حالةٍ وجدانيّة فريدة من شأنها إبعاد الوعي الإنساني عن كلّ ما يحيط به من صعاب ومتاعب.



أنواع الاستجابات الموسيقيّة
·       الاستجابة الفسيولوجيّة، وتقسم إلى:
-                  استجابة لا إراديّة، كالتغيّرات التي تحدث في عدد ضربات القلب.
-                  استجابة شبه إراديّة، كمراقبة الإيقاع عن طريق حركاتٍ يفتعلها الجسد بشكلٍ لا إرادي، مثل إغماض العين أو الخبط بالأرجل، أو تحريك اليدين.
-                  إستجابة إراديّة كالحركات المقصودة المتابعة للإيقاع الموسيقي، والتي تستند إلى تحريك عضلات الجسد، وهي تعرف بالنظريّة الحركيّة.
·       الاستجابة الانفعاليّة
وهذه الاستجابة معروفة منذ أقدم العصور، حيث تطرّق إلى ذكر هذه الاستجابة للموسيقى فلاسفة اليونان، وما لها من نتائج إيجابيّة في تهذيب الطباع وتربية النفس.
·       الاستجابة العاطفيّة أو المزاجيّة
تؤدي الخبرات المتراكمة المستمدّة من الموسيقى، بتكوين مزاجٍ ثابت بديل عن الأحاسيس والمشاعر المؤقتة.
·       الاستجابة الخياليّة
وتظهر تلك الاستجابة في القدرة العالية للنغمات الموسيقيّة على إثارة خيال الفرد، خاصة وإن رافقها غناء يفسّر معانيها.
·       الاستجابة المعرفيّة والعقليّة
تلعب الثقافة والمعرفة الموسيقيّة دوراً هاماً تحريك هذه الاستجابة التي تبرز العقل في – فهم تفسير وتحليل – الجماليّات الكامنة وراء تلك المقطوعة.
·       الاستجابة الجماليّة
يتألف الجمال هنا من مجموعة عناصر مترابطة من خيالٍ ومشاعر وأحاسيس مع عقلٍ وفهم.

وعلى الرغم من كل تلك الاستجابات العظيمة للجمال الموسيقي، يجب على المعالج الانتباه إلى أن الاستجابة تختلف من شخصٍ لآخر، وحتى في الشخص نفسه فإن نوع الاستجابة متغيّر بين لحظةٍ وأخرى، وهذا ما يسهم في إبراز حقيقة الفروق الفرديّة.


العوامل التي تؤدي إلى اختلاف التأثير الموسيقي من شخص إلى آخر، هي:
1-  عوامل موسيقيّة تتمثل في المقام الموسيقي والإيقاع وشدّة الصوت أو لينه وسرعة الزمن، وعدد الآلات ونوعياتها والتكرار والمفاجأة... إلخ.
2-  عوامل شخصيّة متمثلة في العمر والذكاء والوراثة والحالة الصحيّة والثقافة، والظروف الاقتصاديّة والاجتماعيّة والجغرافيّة، والنوع والجنس... إلخ.
3-  عوامل بيئيّة وتتمثّل في درجة حرارة المكان والألوان المحيطة والتهوية والضوء والضوضاء والهدوء... إلخ.


أساليب العلاج بالموسيقى
تتعدد أساليب العلاج بالموسيقى، ومن هذه الأساليب:
-         ترك حريّة اختيار الموسيقى للشخص المريض، ومن ثم يقوم المعالج بتحليل المقطوعة التي اخترها المريض برفقته.
-         يسير المعالج صمن نطاق ثلاث خطوات، هي:
1-           عزف مقطوعة موسيقيّة تتفق مع حالة المريض، وأن ينصح المريض بأن يحلّق في خياله باتجاه كافة العراقيل والمشاكل التي اعترضت حياته أثناء استماعه للموسيقى.
2-           الاستماع إلى مقطوعة هادئة ترافقها إضاءة خافتة، للوصول بالمريض إلى درجةٍ عالية من الاسترخاء، وفي تلك الأثناء ينصح المعالج المريض حصر أفكاره في كل ما هو جميل في حياته والاعتزاز به.
3-           عزف قطعةٍ موسيقيّة، وخلال العزف يتم تدوين ردود الفعل اللاإراديّة للجسد من انفعلات تلقائيّة حدثت جرّاء الاستماع إلى تلك المقطوعة، وهذا الأمر يسهّل على المعالج وضع برنامج علاجي متوافق مع طبيعة الاستجابة.
4-           في هذا الاسلوب يستفاد من الإيقاع الحركي وما ينتج عنه من تعبير للمشاعر الكامنة في عمق الإنسان، للوصول إلى تخليصه من تلك الضغوطات النفسيّة.
5-           هذا الأسلوب يلائم فئة المفكرين والمثقفين والموسيقيين، حيث يطلب من هذا الشخص ارتجال مقطوعة أو قطعة موسيقيّة تعبر عن أحاسيسه.
6-           يتميّز هذا الأسلوب بدمج عناصر أخرى مرافقة للموسيقى كالاستعانة بالألوان أو التدليك.
يعتمد هذا الأسلوب على الاسترخاء النفسي والعضلي في البداية، ومن ثمّ تركيز الاهتمام بتوفير وضعيّة مريحة لجلوس المريض واسترخاءه، زخلال الاستماع للموسيقى يجب حض المريض على تركيز الاهتمام باليد اليمنى تليها اليسرى، ينتقل بعدها للقدم اليمنى فاليسرى، ويركز الاهتمام بعدها على باقي الجسد، ومن شأن هذه الطريقة ان تبعث حرارة على شكل أمواج تتخلل الجسد، محققةً الهدوء للفرد.






الفصل التاسع
العلاج النفسي الجمعي بالرسم



في مقدمة هذا الفصل تحدّث الكاتب عن الرسم ومدلولاته التي بقيت حتى عهد قريب يحيط بها الشك والغموض، أما اليوم فقد تحولّت تلك الرسوم لأداةٍ قيّمة من الأدوات الإسقاطيّة التي يستخدمها الأخصائي الإكلينيكي في عمله.
يستند العلاج النفسي بالفن على نظريّة التحليل النفسي في المقام الأوّل، حيث كان مجال اهتمام هذه النظريّة بالتركيز على الانفعالات الشعوريّة واللاشعوريّة الكامنة وراء السلوك، على اعتبار أنها القوّة الأساسيّة الدافعة، التي يكمن خلفها الإبداع الفنّي، وذلك لاهتمام هذه النظريّة بالحتميّة دون التطرّق بأيِّ شكل للعشوائيّة أو المصادفة، بحيث أنّ هناك طرقاً متعددة للتعبير عن الذات سواء كانت من خلال الكلام أو لغة الجسد كالرقص والغناء والفنّ والموسيقى.
يؤكّد فرويد خاصيّة الفن تلك بما ورد في كتابه (الطوطم والتابو) حيث قال:
"إنّ الفنّ هو الميدان الوحيد في حضارتنا الحديثة الذي لا يزال يُحتفظ فيه بطابع القدرة المطلقة للفكر، ففي الفنّ وحده يستطيع الإنسان أن يندفع تحت وطأة رغباته اللاشعوريّة، لينتج ما يشبه الإشباع لتلك الرغبات".
يرى البعض بأنّ العلاج بالفنّ وتحديداً الرسم، لن يجدي نفعاً إلا مع من تتوافر بهم القدرات الفنيّة وسبق لهم ممارستها في حياتهم العاديّة، لكنّ (مارجريت تومبرج) بفضل باعها الطويل وخبرتها الكبيرة في مجال العلاج بالرسم، اعترضت على تلك الأقوال مؤكدةً بأنّ العلاج بالرسم كان فعّالاً وناجحاً مع الأشخاص الذين لم يسبق لهم ممارسة الرسم يوماً، وذلك من خلال إعطاء هؤلاء الأشخاص مزيداً من الثقة للتعبير عن أنفسهم زمشاعرهم دون خوفٍ أو قلق من خلال الرسم التلقائي، وأكدت كامبريدج بأنّ هذا النوع من العلاج خاصة يقلّل من مدّة العلاج، لأنه يعدّ من أقصر الطرق إلى اللاشعور في الشخص.


خطوات العلاج بالرسم
يسير العلاج بالرسم وفق عدد من الخطوات، هي:
·       إنشاء علاقة ألفة مع المريض من خلال تأكيد المعالج للمريض على مشاركته الفعليّة له، وتشجيعه للتلقائيّة في التعبير دون قيود أو حواجز.
·       تشجيع المريض على الرسم حتى وإن تذرع بعدم إجادته لهذا الفن.
·       كسر حاجز الرهبة من خلال القيام بعدد من الخطوات العمليّة كالشخبطة، أو محاولة عمل تشكيل فني، أو الطلب من المريض بالقيام برسم أي شئ دون التقيّد بأي رسم، أو يمكن أن يقدم المعالج بعض الرسوم الغير منجزة والتي تحتوي على خطوط تمثّل البداية، ويطلب من المريض إكمالها، أو الطلب من المريض رسم كل ما يمكن أن يعبّر عن ذاته وعواطفه وانفعالاته.
·       بعد اكتساب الثقة التي تمكّنه من التعامل مع الآخرين، يمكنه الاشتراك في لوحةٍ واحدة مع جماعة العلاج بالرسم، بحيث يترك لهم حريّة اختيار الموضوع.
·       بعد إتمام عمليّة الرسم والتلوين، يقوم المعالج بتفسير وقراءة الرسم من خلال ثلاثة طرق، هي:
-                     تحليل العناصر في الرسم.
-                     الطلب من المريض أن يتحدّث عن الرسم الذي أنجزه بكل ما يحويه، ومن هنا يطرح المعالج استفساراته عن كل نقطة فيه.
-                     الجمع بين الأمرين، أي تحليل الرسم وفقاً لعدد من الأسس، وجعل الشخص يتحدّث عن قصّة رسمه.
·       بعد اتمام الخطوات السابقة يتمكّن المعالج من تشخيص المشكلة التي يعاني منها المريض أو الجماعة العلاجيّة.
·       في هذه الخطوة تأتي مرحلة العلاج، والرسوم التي رسمها المرضى هي عبارة عن مادة فعّالة لهذا العلاج.


أسباب شيوع العلاج بالرسم في العديد من المشافي:
-         لأنّ الرسم يزيد من إدراك المريض بالصراعات التي يعاني منها، وبالتالي من مقدرة الحديث عنها.
-         الرسم يشحذ قدرة المريض الإبداعيّة، ويمنحه شعوراً بالتميّز والإنجاز.


مجالات العلاج النفسي بالرسم:
1-  يستخدم الرسم في علاج الاضطرابات الانفعاليّة والمشاكل السلوكيّة.
2-  الحالات الموجودة في جناح الأحداث.
3-  السلوكيّات المضادّة في المجتمع.
4-  حالات العصاب والذهان
5-  حالات الإعاقة وذوو الحالات الخاصّة.
6-  حالات الإدمان، والكشف عن شخصيّة المدمن والكشف عن حدوث انتكاسة.
تشخيص المشاكل التي يعاني منها الفرد أو الجماعة من خلال الرسم والألوان.





الفصل العاشر
العلاج النفسي الجمعي باللعب



يختص هذا الفصل بالطفل، حيث يرى (محمد شعلان) أنّ الطفل يتعلّم من محيطه ككل، وخاصّة أترابه، عن طريق اللعب والتقليد، ويمكن مساعدته من قبل المعالج من خلال إسقاط إحساسه باضطهاده من قبل الكبار، أثناء اللعب وسط مجموعة أكثر من الجلسات الإفراديّة،
ويمكّن اللعب من تشخيص حالة الأطفال وعلاجها بحسب رأي (سوزانا ميلار)، إذ أن الخبير يمكن له من التقاط دلالات الطفل في اللعب وتدوينها، ولو كانت حركاته بلا مغزى أو غاية، كما فعل أب طفلٍ حينما دوّن لفرويد ملاحظاته عن ولده.


تعريف اللعب:
بحسب (عادل هريدي) فاللعب هو نشاط سوي مبهج، تلقائي أو اختياري، متنوّع ومتكرر، وقد يتضمّن تناقضاً ظاهرياً، ويشتمل التعريف على مصطلحات كـ: النشاط، سوي، مبهج، تلقائي، تناقض ظاهري، غاية في ذاته.

نظريات اللعب: وتبحث في أسباب اللعب والهدف منه، وغيرها من الأسئلة التي يجيب عليها فرويد في نظرياته بأنّ الطفل يبحث عن اللذة في اللعب ويكرر حركاته لأجلها ويبتعد عمّا يؤلمه ويزعجه.
واللعب مليء بالخيال فيسقط الطفل رغباته فيه، ليسيطر على ما يؤلمه وما يزعجه في عالم الكبار، ليخلق ويبدع ويبتكر من وحي خياله، ومما يكرّره ويشعره باللذة، حيث يرى فرويد بأنّ بعضها له علاقة بالتطور الجنسي لدى الطفل كعادة مصّ الإصبع، واللعب بالماء والرمال والتلوين، له دلالة شرجيّة، وكل مرحلة نموّ لها مدلولاتها، من الميلاد وحتّى الممات، وبحسب (إريكسون) فإنّ اللعب يحقّق: الأمل، قوّة الإرادة، والهدف، والكفاءة، والولاء، والحب، والزعامة، والحكمة، والقدرة على التصرّف، وأيضاً تحقيق الذات... والحرمان من اللعب يعدّ عقاباً للطفل ويؤثّر فيه.
إنّ التكرار هو نتيجة إشباع الاحتياجات، وذلك كون اللعب بالدرجة الأولى تقليد - وذلك بحسب نظرية بندورا التعليم الاجتماعي – وقد حقّقت أهميّة علاجيّة بسبب:
1- كون الموقف التعليمي يُعتبر علاجاً نفسياً يحقّق تغيير في تفكير الطفل وسلوكه.
2- يفسّر مصاعب الأطفال ويحلّها.
3- دور المعالج التوجيه لسلوك مرضي.
4- الاهتمام بتقويم تجارب الأطفال السابقة.
5- التجارب الحياتيّة تؤثّر بالطفل أكثر من الجلسات العلاجيّة.
6- العلاج يُعتبر تفاعلاً اجتماعيّاً.


أهداف اللعب العلاجيّة:
1- هدف نمائي: بإشباع الحاجيات الجسميّة للطفل بدون تقييد.
2- هدف وقائي: بعدم وقوعه بالمشاكل، وتناسُب الألعاب مع عمره، وأنّ يكون لها أهدافاً محقّقة، وملاحظته لتفهّم انفعالاته، ومراقبته في استخدامه للعبة، ومراقبة تغيّرات سلوكه، وردّة فعله حين أخذ لعبته.
3- هدف علاجي: إذ لا يُعطى الطفل لعبةً إلاَّ بعد تحديد مشكلته، ويتمّ تعزيز نفسيته ومكافأته.


فنيات اللعب:
1- التصنيف:  لعب انعزالي، لعب أثناء مراقبة الآخرين، لعب متوازٍي، لعب جماعي، لعب تعاوني.
2- الغاية والهدف: لعب استكشافي، لعب ابتكاري، لعب لملء الفراغ، لعب تقليدي، لعب علاجي تيسيري.


الحالات العلاجيّة التي تستجيب للعب:
انسحابي انطوائي، غير ناضج، مدّعي المهارات الوهميّة، ذوو المخاوف الشّاذة، المخنثون، ذوو عاداتٍ سيّئة، عدوانيّون، كارهي إخوتهم، ذوو اتجاهات مؤذية سوسيوباتيّة، ذوو اتجاهات جنسيّة وشذوذ، ذوو الجنح، المصدومون والمضغوطون.

صفات ألعاب العلاج النفسي الجمعي:
1- غرفة العلاج: مليئة بألعاب مختلفة في: شكلها، وحجمها، ومضمونها... وتكون الغرفة: ذات طلاء زاهٍ، نظيفة، كاتمة صوت، يتبعها حديقة فيها نباتات وحيوانات أو مجسّمات لهم، فيها آلة للتسجيل موضوعة في غلافة مرفقة بها للملاحظة.
2- اللعب: هي ألعاب جاذبة للانتباه، فيها شيء من حياته، مناسبة لقدرات الطفل العقلية، لا تكسر ولا تتلف، سهلة، يسهل تركيبها... ومن أنواع الألعاب:
- أن تمثّل أفراد أسرة الطفل في عددها الفعلي أيضاً.
- أن يكون بينها ألعاباً لعدّة مراحل عمريّة.
- أن تحوي على ألعابٍ عدوانية.
- أن تحوي لوازم للرسم.
- أن تحوي مهرّج، وأرجوحة.
- أن يكون فيها مفروشات منزليّة وملابس.
- أن يكون فيها وسائط نقل على اختلافها.
3- المعالج النفسي: لا بدّ له أن يتقن العلاج عن طريق العب، وأن يكون حسّاساً، ومساعداً للطفل، وقادراً أن يفسّر حركات الطفل.






الفصل الحادي عشر
العلاج النفسي الأسري



إنّ الفرد يتأثّر بالوسط المحيط به وخاصّة الأسرة، ولذلك فإنّه لا بدّ من معالجة شاملة والتعاون ين الأسرة والمعالج، لنجاح عمليّة العلاج الجمعي النفسي.
وذكر البعض بوجود عدّة خلافات بين العلاج الأسري والعلاج الجمعي، وهي عدم وجود تاريخٍ أو ماضٍ أو حتّى مستقبل بالنسبة للجماعة، بعكس الأفراد، وأيضاً أنّ المعالج يقوم بدور القائد والميسر، أمّا بالنسبة للمعالج الأسري فإنّه المعلّم.


المعالجون الأسريون:
هم عادة مختصّون في الصحّة النفسيّة، إلاَّ أنّه قد دخل في هذه المعالجة مختصّون من عدّة اختصاصات كالخدمة الاجتماعيّة، وعلم النفس الإكلينيكي، وأيضاً التمريض، إلاَّ أنّهم لن يستطيعوا معالجة أسرية صحيحة إلاَّ بعد خضوعهم لتدريب من مشرفين متمرّسين مختصّين.
وقد وضعت الرابطة الأمريكيّة للعلاج الأسري معايير جدّ صارمة للمنتسبين في عضويتها كأن يكون لديهم مستوى أكاديمي وخبرة وتدريباً وإشرافاً، وحتّى الآن لم يتمّ اعلان العلاج الأسري كمجالٍ مستقلّ، بالرّغم من وجود معاهدٍ في أميركيا تقوم بمنح شهادات بهذا التخصّص.


ما يجب توفّره في المعالج الأسري:
ليصبح معالجاً أسرياً مستقلاً، لا بدّ أن يتفرّغ من أجل دراسةٍ منتظمة، وأن يدرس الأسرة والزواج والنمو الإنساني ومناهج البحث إضافة الدراسة الإكلينيكيّة وأن يكون المعالج قد مارس العلاج الأسري والزواج مدّة 200 ساعة تحت الإشراف، إضافة لـ100 ساعة في ممارسة العلاج الجمعي، وأيضاً 1500 ساعة كخبرة إكلينيكيّة ممارساً العلاج الأسري والزواج، وأيضاً أن يكون قد أتمّ خبرة عمليّة لا تقلّ عن سنتين بعد تعليمه الجامعي.


العلاج النفسي والمدخل الأسري:
إنّ معالجة الأسرة بشكل كاملٍ، أمر مختلف عمّا اعتاده المعالجين النفسيين أو حتى الاجتماعيين، وأمر مناقض ومخالف للتقاليد على تعلّموها وألِفوها، فهو نقلة من التركيز في مظاهر الاضطراب وأعراضه إلى حالة التشخيص بالمرض وعلاجه.
وفي نهاية القرن العشرين جُمّعت بعض العناصر التي يمكن من خلالها تشخيص الاضطرابات الشخصيّة وعلاجها والوقاية منها، وهي:
1- التغيّرات النمطيّة الحياتيّة الأسريّة.
2- التطوّرات الحديثة في علم النفس.
3- زيادة الوعي، ورؤية طريقة العلاج التقليديّة قاصرة.
4- وجود علاقة بين كلٍّ من الاضطرابات العقليّة والاجتماعيّة والتي تنتقل بالعدوى.


ما هي الأسرة:
ينطبق على الأسرة ديناميات الجماعة لكونها جماعة ولكنها صغيرة، فتشبع أعضائها جسمياً، وأيضاً وجدانياً بأبعاده الثلاثة وهي: المعنى أي التميّز، والسلطة أي الانتماء، والصلاة الحميمة أي علاقات جنسيّة غيريّة، ولا يتمّ تحقيق هذه الإشباعات إلاَّ عن طريق الأسرة، وهنالك احتياجات أخرى كالامتداد والذي يتمّ بالأولاد خاصّة في الدول النامية، والتي تحكمها ثقافة الإنجاب، وبالرّغم من الحملات التلفزيون الإعلانيّة لتطوير هذه المفاهيم نجد عند حدوث أيّ خلل وظيفي أو عجزي، يصيب مثلاً الزوجة الاكتئاب ويُدمن الرجل أو يقيم علاقات غراميّة، ويُصاب الطفل برهاب المدرسة أو يدمن الشاب على المخدّرات، وغيرها من العقبات التي تقف في وجه العلاج التقليدي.
وبذلك فإنّ الأسرة التي تشبع حاجاتها هي المؤدّية لوظائفها، أمّا التي لا تشبع حاجاتها فهي أسرة مضطربة، والفرق بين الأسرتين هو إشباع كامل الحاجات، وفي الحالتين يوجد داخل الأسرة صراع لكون التطابق فيما بينها نادر.


مراحل تغير الأسرة:
تتطوّر الأسرة وتنمو كالأفراد، فيفتح نسقاً من خلال اتحاد الرجل والمرأة بالزواج، فيستقبل لاحقاً هذا النسق الأطفال، وتختلف الأدوار، حيث لا بدّ من ممارسة دور الأبوةّ والأمومة، حيث يحصل بعض الانشقاقات نتيجة لدخول فرد جديد أو عدّة أفراد جديدة في الأسرة، فيطرأ تغيّراً على نسق الأسرة حيث يعاد تركيب نسقها في كلّ مرة يدخل فرد جديد، كما وينفتح النسق أمام الغرباء عندما يكبر الأطفال ليذهبوا للمدرسة، ومن ثمّ دخولهم مرحلة المراهقة، وكلّ هذا يؤدي لأعراضٍ سلوكيّة مبالة ضمن الأسرة الواحدة، كتعلّق الأم بأولادها أو تعلّقهم بها، وعند زواج الأولاد تُخلق أمزمةً جديدة للأبوين، فتزيد صعوبات الأزواج التي كانت مخفيّة، وهنا يكون العلاج النفسي للأسرة له فوائده وأغراضه، بتفهّمه للنسق المفتوح وللنسق الحيّ، وهو ما يجب أن يعمل عليه المعالج حتّى لا يصيب الفشل الأسرة.


معنى العلاج الأسري:
التركيز فيه يكون على الأسرة كاملة، فتتحقّق النتائج بشكل أفضل وأسرع، لتختفي أيّة أعراضٍ سلوكية مرضيّة، فتتعدّل العلاقة ضمن الأسرة، من خلال تكييف أعضائها مع المريض الموجود فيها.


المفاهيم الأساسية للعلاج الأسري:
يعرّف العلاج هنا كتحقيقٍ للانسجام في الأسرة من خلال تعديل العلاقة فيما بينها، إذ أنها عبارة عن نسقٍ مفتوح ضمن علاقة متشابكة يمكن تفسيرها بواسطة الفيد باك، فيرتكز العلاج الأسري على مفاهيمَ ثلاثة، وهي: فكرة النسق، فكرة الفيد باك، وفكرة المثلّثات، حيث ينقل العلاج النفسي الأسري الأسرة في علاجها من فكرتها السّائدة بأنّ الأفراد مستقلين إلى فكرة علاقتهم ببعض.


مفهوم النسق:
تشترك أجزاء النسق بصفتين، بأنّها متصلة ببعضها وتؤثر أيضاً ببعضها، وبأنّها مرتبطة ببعضها على الدوام.
وللنسق نوعان، أحدهما المفتوح والآخر المغلق.
وبهذا فإنّ مكوّنات الكون ككل منتظمةً ضمن أنساقها في علاقات مترابطة، وينظر للأسرة كنسقٍ من كافّة روابطها وأدوارها، والمعالج الأسري يتفهّم الأنساق ويهتم بالسلوك وأنواعه، وأيضاً بالعلاقات الطبيعيّة والنفسيّة والاجتماعيّة ضمن الأسرة.
وقد حدّد للأسرة مراحل في نموّها، وهي:
1- أسرة مكونة من الزوجين.
2- أسرة لها أطفال.
3- أسرة أطفالها يرتادون المدارس الابتدائيّة.
4- أسرة أطفالها يرتادون المدارس الثانوية.
5- أسرة أطفالها في مرحلة المراهقة.
6- أسرة تُخرج أسر.
7- أسرة يصل الأب والأم فيها لمنتصف العمر.
8- أسرة متقاعدة.


خصائص النسق:
كون الأسرة تشكل نسقاً مفتوحاً، فلها خصائص:
الكلية: ولأنّ الكل هو أكبر من الأجزاء مجتمعة بحسب القاعدة الجشطالتيّة، فإنّ الكلية هي التبادليّة فيما بين النسق ومكوناته.
العلاقات: وهي دخول المعالج في فهم دواخل الأسرة بدلاً من النظر إليها من الخارج.
الخضوع للأحوال الراهنة: حيث يحصل التغيير نتيجة لتغير الظروف.


العلاقات الثلاثية:
وبحسب (بوين) بأنّ العلاقة الثلاثية ضمن الأسرة متشابكة، بحيث أيّ خللٍ بين طرفين يتدخّل الثالث فيعيد توازن النسق الأسري.

الفيد باك:
من خلال نظريّة الأنسان، إنّه العملية التي يتكيّف ويتوافق النسق عبرها، وذلك من أجل أن يصحح مساره، ويوجد فيد باك إيجابي الذي يقوم بهدم النسق لمنعه من عودته إلى الحالة التي كانت سابقاً، وآخر سلبي يصحح الانحراف.

الاضطرابت النفسية في الأسرة:
أشارت (فريدة فروم ريخمان)، أن الاضطراب داخل الأسرة مصدره الأم التي تسيطر على الطفل أو تحميه حمايةً زائدة، وأطلق عليها (الأم المنجبة للفصام)، ولكن المهتمين رأوا بأنّه ليست الأم هي المسؤولة فقط ونفوا ما أطلق عليها، وأطلقوا بدورهم (الأسرة المولدة للمرضى) لكون الأسرة تشترك فيما بينها في التنشئة والتربية.


الاضطرابات الأسريّة:
يمكن تشخيصها في:
·       المستوى الأول: العمليات لخلق المناخ غير السوي:
1- أنسة وعدم الأنسنة للأشخاص.
2- حب الطفل الكاذب والمصطنع.
3- اندماج الأسرة.
4- أدوار الأسرة الجامدة.
·       المستوى الثّاني: العمليات غير السوية:
1- الكذب المتبادل.
2- التزييف، أو التعمية.
3- المثلث الأسري غير السوي.
4- كبش الفداء، أو الضحية.
·       المستوى الثّالث: اتصال الأسرة الخاطئ:
1- الرابطة المزدوجة.
2- عدم نضج الوالدين.





الفصل الثاني عشر
دراسات تطبيقية وخبرات شخصية في العلاج النفسي الجمعي


دراسات ميانية وخبرات شخصية


إنّ العلاج النفسي الجمعي يكتسب مؤيّدين ومستخدمين باستمرار، وذلك نظراً لانتشاره في مؤسّسات المجتمع ككل، وفاعليته في ظل كثرة أعداد المرضى المتزايدين نسبة إلى أعداد المعالجين والمصحّات والمستشفيات الخاصّة بالأمراض النفسية والعقلية، فتزايدت الأمراض النفسية والعصبية، وخاصّة االسيكوسوماتيّة والتي هي أمراض عضوية بأصول نفسيّة.


مجالات تطبيق العلاج النفسي الجمعي:
أولاً - المستشفيات العامّة: كمرضى السرطان، ومرضى الإيدز.
ثانياً- المستشفيات النفسية والعقليّة: كمرضى الفصام، ومرضى الاكتئاب، حيث أثبتت فاعليتها فاعليّته لدى مرضى الاكتئاب من خلال:
الاسترخاء: فالمعالج يدرّب الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب والتوتّر على الاسترخاء، ويجمع المعلومات، ويمكّن الاسترخاء المعالج من استخدامه بشكل مستقل، كما وإنّه يمكّنه من إثارة بعض النشاطات والتي تتعارض بدورها من مرض الاكتئاب، إضافة لكون يكسب الهدوء ويحدّ من الإثارة والانفعال، ويمكن بواسطته تغيير اعتقادات فكريّة قديمة خاطئة، ويحدّ من القلق.
فنيّة تأكيد الأنا: حيث تمكّن المُعالج من قدرته الدفاع عن ذاته، وأن يحسن التصرّف بحسب المواقف، والحريّة في العبير، والتصرّف بقوّة بعيداً عن شعوره كضحيّة، والشجاعة في قول كلمة لا.
ثالثاً: علاج نفسي جمعي للأطفال: إنّ لغة الأطفال قاصرة وتعبيرهم اللغوي ضعيف، لذلك فإنّ العلاج الجمعي يكسبهم التعلّم والخبرة وقدرتهم في التعبير عن طريق اللعب، ويمكن للوالدين أن يقوما بمشاركة أبنائهم في الجلسات العلاجيّة هذه.
رابعاً: علاج نفسي جمعي للمدمنين: إن معالج المدمنين بحاجة إلى عدّة مقوّمات لكي يتغلّب على أفكار المدن السلبيّة، أو رفضه أو استجابته  في العلاج، وتخطّي الصعوبات التي تختلف عن العلاج النفسي الجمعي عند الأطفال، فتختلف فنيّات العلاج بالنسبة للمدمين، وبالتالي فهي متنوّعة.
خامساً: علاج نفسي جمعي للمراهقين: نظراً للتغيرّات البيولوجيّة وأيضاً الهرمونيّة التي تظهر على المراهق، فإنّه يحتاج لعلاج نفسي سلوكي جمعي، لكون العلاج بالنسبة للمراهق يفّجر مشاعره ضمن الأسرة أولاً كالغيرة، وثانياً ضمن المجتمع الخارجي كالمدرسة أو الشّارع وغيرها.
بحسب سبوتنتز فإنّ المراهقين يمكن تقسيمهم إلى:
1- المشحونون بشكلٍ انفعالي شديد، أي المثارون.
2- المحرومون من الانفعال، المرتبطون والمعتمدون على سلطة اعتياديّة كأطفالٍ.
سادساً: علاج نفسي جمعي للمسنين: نظراً لتزايد المسنين، نتيجة للعناية التي يحصلون عليها، فأغلبهم بحاجة لمعالجة من الاكتئاب الذي يصيبهم، فيكون العلاج الجمعي لهؤلاء المسنين في المستشفيات أو حتى دور رعاية المسنين، ومن أهمّ فنيّات العلاج التي يخضعون لها توكيد الأنا، والاسترخاء، وأيضاً التطمين، والأفكار الإيجابيّة.


دراسات سابقة في العلاج النفسي:

1- العلاج الجمعي لمجموعة فتيات:
يقدم (سلافون) مستنداً لنظريّة التحليل النفسي، التعامل مع المضطرب، وذلك من خلال علاجٍ فردّي، وعلاجٍ جمعي، واستمرار الفرد في العلاج متوقف على طبيعة المشكلة التي يعاني منها، وقدرة العلاج الجمعي على تنمية الروابط من خلال التفاعل بين الفرد والجماعة في هذا النوع من العلاج، إضافة إلى تقوية هذا الرابط ضمن نطاق شريحةٍ أوسع من الناس، ومنع الفرد من الاتكال على المعالج، وغيرها من الميزات.
تكونت مجموعة سلافون العلاجيّة من سبع فتياتٍ مختلفات، موضحاً طبيعة كل فتاةٍ على حدة والمشكلة التي تعاني منها، وجميعهن من الجانحات المراهقات، ومن بين تلك الحالات حالة (برثا) التي كانت مهملةً لمظهرها الخارجي ومحايدة تتحدّث بكافة المواضيع دون انفعال، كانت شكوى الأم من برثا بأنها تهرب كثيراً من المدرسة وتسرق النقود من شقيقتها الكبرى وصاخبة، وحادة الطبع وسريعة الانفعال كثيرة الكذب، تتأخر كثيراً عن البيت وتصادق أشخاصاً غير مرغوب بهم، وتذكر الله فقط عند وقوعها في أي مأزق.
شخص سلافون حالة برثا بأنه اضطراب سلوكي ناتج عن العادات وأعراض عصابيّة، وهكذا قام بتشخيص كل حالة من حالات الفتيات المشكّلات للجماعة العلاجيّة
قام سلافون بتقديم نموذج للجلسة الثالثة والثلاثين، وكيف تمّ التفاعل بين الفتيات فيها، وأهمّ القضايا المثارة في تلك الجلسة والتغيرات التي حدثت في سلوكهن وتمّ تقديمها من قبل المعالج والفتيات أنفسهنّ، إضافةً لتقديمه تفسير لطبيعة كلّ حالة، والاهتمام بذكر الأحلام والهفوات والصراع الدائر والشعور بالذنب وغيرها من مفاهيم التحليل النفسي.


2- العلاج النفسي الجمعي للمدمنين
في دراسة قام بها فاروق عبد السلام التي تناولت أطروحته للدكتوراة والمعنونة باسم (العوامل النفسيّة والعلاجيّة المرتبطة بتعاطي الأفيون).
تكونت العينة التي تناولها في دراسته تلك من 42 حالة، واستمرّت تلك الدراسة على مدار ستة أشهر، حيث استخدم فيها العديد من الاختباراتِ النفسيّة، وعقد خلالها 17 جلسةً مع المدمنين، اعتمد فيها على النقاشات الجماعيّة معهم وأسفرت في نهاية الأمر إلى ازدياد وعي واستبصار المدمنين بأنفسهم، وانعكس هذا الأمر إلى نظرتهم للبيئة التي اتسمت بأنها أقلّ عدائيّة من قبل، وفي مدى رغبتهم بالتعامل معها ومع المحيطين بهم بطريقةٍ ناجحة، وقلّت حدة التوتر الانفعالي ليحلّ محلّه الطمأنينة، وظهور ما يطلق عليه الفطام النفسي عن المواد المخدرة.



* قراءة وملخّص لكتاب (العلاج النفسي الجمعي بين النظريّة والتطبيق)
 للدكتور محمّد حسن غانم 

                                                                               بقلم
                                                                         غادة حلايقة


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

INSTAGRAM FEED

@gh330kam