قالت لي الجَذوة..


وجاءني صوتها خافتاً كأنّهُ الأنين.. تَلَفَّتُّ علَّني أُميِّزُ سَمْتَ مصدرهِ.. سمعتها تقول: ربما لن تَرَيْني في الحال.. لكن لا بدَّ من لقاءٍ بيننا.. سأكتفي الآن بإسماعكِ صوتي.. ولتعلمي أني لو تركتُ اليأس يخالجُ شعوري لحظةً واحدةً لانتهيت.. لكنني أتشبَّثُ بجذرِ أملٍ يمتدُّ إلى أعماقي...

لم أكن أدري من هي صاحبة هذا الصّوت.. لكنَّ اختيارَها لأذني لتسكبَ رَصانةَ إرادتها فيها قد شدَّني إليها... ورحت أبحثُ عن مصدرِ الصوتِ الذي أحسسته يعلو رويداً رويداً.. فتابَعَ:
- جذر الأملِ يا صديقتي يعني أنّ بذرتهُ قد أُنتِشَتْ وستخضرُّ نبتةً متناميةً.. ربما صوتي يصلك ضعيفاً.. لكنه سينجلي بعد حين.. عندما أزيحُ سديم الظَّلامِ الذي يغمرني وأتَّقد من جديد.. ستلمحينَ انبثاق شعلتي وتسمعين صوتي قريباً واضحاً..

قُلتُ: لعلِّي لن أُخطئ إذا توجّهتُ بنظري نحو كومة الرَّمادِ الخامِدِ التي كانت قبل حين ناراً متأجِّجةً تتراقص مع أفكار السَّامرين حولَها..؟!

وأمسكتُ بعودٍ قريبٍ.. وحرَّكتُ خمودَ الرَّمادِ.. فانكشفَ أمامي بريقُ جذوةٍ وحيدةٍ أخذتْ تغمِزُ لي شاكرةً مردِّدة:
- أما رأيتِ؟ لولا جذرُ الأملِ لما استطعتُ الاحتفاظَ بروحِ الحياةِ حتى جاءَ من يذكي شعلتي من جديد..

قلتُ: وها هو ذا جذرُ الأمل ينغرسُ في تربة كياني.. فَلَكِ أنتِ أيضاً الشُّكرُ الجزيل..!!

* من سلسلة قالت لي الأيّام

بقلم:

إيمان نايل عبيد


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

INSTAGRAM FEED

@gh330kam