كليوباترا السابعة، هي امرأة اعتلت عرش
مصر لعشرين عاماً، من عام 51-30 قبل الميلاد بعد وفاة والدها بطليموس الثاني عشر –
أوليتيس- مع أخيها الأصغر بطليموس الثالث عشر، والذي كانت تكبره بثمان سنوات، مما
جعلها المسيطرة الأولى على مفاصل الحكم، وهي آخر ملوك البطالمة في مصر.
ولدت عام 69 قبل الميلاد، واشتهرت بسحرها
وجمالها بالإضافة إلى ذكائها اللافت، فكانت فاتنة عصرها، الأمر الذي أوقع كل من
رآها بحبها، وأطلقت على نفسها لقب إيزيس الجديدة.
عمد مستشاري أخيها إلى إقناعه بضرورة
استبعاد كليوباترا ليتفرد وحده بالحكم، فطردها بدوره، ولجأت إلى الجهة الشرقيّة في
مصر (بورسعيد)، فكوّنت جيشاً حيث قامت بتجنيد قبائل العرب البدو لمواجهة أخيها،
واسترجاع هيبتها وموقعها في السلطة، وبحنكتها، قررت أن تلجأ إلى الرومان ليساعدوها
في تنفيذ مخططها، وأن عليها مقابلة يوليوس قيصر في الإسكندرية، فتسلّلت في غفلة من
جيش أخيها، واختبأت داخل بساط، حمله أحد أتباعها كهدية لقيصر، وحين أدركت أنها
باتت في القصر الملكي في حضرة قيصر، خرجت من البساط كالحورية، ومن يومها أحبّها ونشأت
بينهما علاقة، وحين عرض القيصر على أخيها أن تشاركه الحكم كما أوصى والدهما، رفض
بطليموس الثالث عشر وناصبه العداء، وقام بمحاصرته وكليوباترا في القصر الملكي
وأرسل جيشه لقتاله وكان ذلك سنة 47 قبل الميلاد، حيث جرت معركة الاسكندرية التي
كانت من نتائجها الغلبة ليوليوس قيصر، والموت لبطليموس الثالث عشر وجيشه غرقاً، وهكذا
عادت كليوباترا حاكمة عرش مصر، مع أخيها الأصغر بطليموس الرابع عشر.
اتفقت كليوباترا فيما بعد مع قيصر على
إعلان زواجها منه في مصر، ودونت على جدران معبد أرمندة أن قيصر تزوجها بهيئة الإله
الفرعوني رع أمون، مما أعطى هذا الزواج الشرعية لدى المصريين، وانتقلت معه إلى
روما، على أن يقوم بدوره بإعلان هذا الزواج رسمياً في روما بعد أن يصبح الامبراطور،
وهكذا يتسنى لها أن تصبح شريكة لقيصر في حكم عرش روما، وأنجبت منه ابنها قيصرون،
لكن حلمها هذا ذهب أدراج الرياح بعد اغتيال يوليوس قيصر، وتقاسم المملكة بين كلٍّ
من قواده أوكتافيوس، وماركوس أنطونيوس الذي جاء إلى مصر لضمها إلى الامبراطورية
الرومانية، وأرسل في طلب الملكة كليوباترا ليتبين موقفها في عدم دعمها لأنصار
يوليوس قيصر، وكان أنطونيو في طرسوس في كيليكية، فذهبت إليه على متن سفينة فرعونية
مذهّبة، فأعجبت به وقرّرت الزّواج منه كونه الامبراطور المرشّح لاعتلاء عرش روما، فأحب
أنطونيو كليوباترا وافتتن بها أيضاً، وتبعها إلى مصر وعاشا معاً وأنجبت منه توأماً،
ولأنه كان يمنع على الروماني أن يتزوج بغير رومانية، عاد إلى روما وتزّوج هناك من
أوكتافيا أخت أوكتافيوس، إلاَّ أنه لم ينسى حبه الكبير لكليوباترا، وبقي في روما إلى
أن قاد الحملة الرومانية على الشام وانتصر فيها، وحينها أرسل في طلبها وأعلن زواجه
منها واعترف بأبوته للتوأم، وتوّجها - ملكة الملكات - الأمر الذي زاد العداء بينه
وبين أوكتافيوس، الذي يتوق لحكم روما بمفرده أيضاً، إلى أن قامت الحرب بينهما وهُزم
فيها أنطونيوس الذي مات منتحراً، لدى سماعه إشاعة موت كليوباترا، ففضّل الموت على
أن يحيا من دونها.
أراد أوكتافيوس أن يأخذ كليوباترا
أسيرة إلى روما، فأوقع بها، بعد أن اختبأت في مقبرتها الملكية التي جمعت فيها
كنوزها وهي يائسة، وهدّدت بأن تحرق نفسها حيّة وكامل المقبرة والكنوز، وكانت قد
عزمت على الانتحار، فقدم لها أحد خدّامها ثعبان الكوبرا، فوضعته على صدرها الأيسر
ولدغها لتلحق بحبيبها أنطونيو، وهكذا أسدل الستار على واحدة من أروع قصص الحب التي
عرفها التاريخ، وأكثرها مأساوية، جمعت بين القائد المغوار والملكة الأسطورة.
بقلم:
ميرنا قره
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق