قال لي السندباد..

قال لي السندباد..


قال لي سندباد: سافرتُ وأبحرتُ.. وجُبتُ أرجاءَ المعمورةِ.. واعتَليتُ بساط الرِّيح.. وتعرَّضتُ للأخطارِ ونجَوْت.. وقطفتُ ثمار النَّجاح والسَّعادة.. فما بالكِ تبقينَ معتكفةً في مكانكِ لا تبرحينَهُ؟! ألا يغريكِ السَّفر؟!
قلتُ: ومن قالَ لكَ أنِّي رضيتُ أن أبقى في مكاني؟! لقد سافرت مثلكَ.. شرَّقتُ وغرَّبت.. وحيثُ وصلتَ أنا وصلتُ.. واحتبست في مواقع الخطر أنفاسي.. وركضتُ لاهثةً أسابق الحروفَ لأُساعدكَ على الخلاص من مأزقٍ وقعتَ فيه.. وسعدتُ بانتصاراتك على الأشرار.. ورقصتُ لخلاصِ أميرتِكَ من سحرٍ كبَّلها دهراً..!
فسألني مقاطعاً دهشاً من مرافقتي له في رحلاتِهِ: إذاً أنتِ من كان يسارعُ لإنقاذي من المآزق..؟!
قلتُ: بل أنا من كان يسارعُ إلى انفِكاكِكَ من شَرَكٍ تتعرَّضُ لهُ.. كنتُ أسارع بالجريِ وراء الكلمات والجُمَلْ.. والقفزِ بنظري فوقها.. إلى أن أصلَ بكَ وأصلَ معكَ إلى برِّ الأمان ..!
قالَ: وقد جُبتِ معي كلَّ ركن وصلتُهُ؟!
قلتُ: نعم..
وانداحَت الأسئلة منهُ تباعاً دونَ أن يتركَ لي فسحةً للإجابة.. ولم يكفَّ عن رشقي بأسئلتهِ إلا عندما أغلقتُ دفَّة الغلافِ الأخيرِ لكتابٍ ساهرني أياماً.. وها أنا ذا أضعهُ على رفٍّ متواضعٍ في غرفتي البائسة.. لتُغريني الكلماتُ المواجهة لي بإعادةِ قراءتهِ.. تلكَ الكلماتُ الَّتي تقتحمُ سكوني.. إنَّها العنوانُ المنقوشُ على حافَّة الكتاب الصُّغرى ما بين الدَّفَّتين.. (مغامرات السندباد).

* من سلسلة قالت لي الأيّام.

بقلم:

إيمان نايل عبيد



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

INSTAGRAM FEED

@gh330kam