الوردة الدمشقيّة (الجوري)

الوردة الدمشقيّة (الجوري)
ملكة الورود وأكثرها نبلاً وعراقة


دمشق وردة عواصم السّحر والخيال والأصالة، لقد استوطنها الغنى بكلّ جمالات طبيعتها، بعطرها الأخّاذ الذي فاح ضَوعه عبر العصور، حتى باتت تُكنّى وتُلقّب بما تغتني، ومن أجمل ألقاب هذه المدينة لقب مدينة الياسمين، ومدينة الجوري، وذلك نسبة إلى وردة الجوري التي تُعرف عالمياً باسم الوردة الدمشقية – rosa damascena – حيث تُعتبر دمشق الموطن الأصلي لهذه الوردة، ومنها انتقلت إلى كافة أنحاء العالم.

فقد عثر على بقاياها في المقابر الأثريّة المُكتشفة في أغلب المُحافظات السّوريّة، مما يعني أنّها كانت تدخل في التحضيرات الجنائزيّة، وترتبط بمفاهيم الطمأنينة والخلود.

وقد عرفها الفراعنة قديماً، وتغنّى بها الإغريق كالشاعرة سافو التي أسمتها ملكة الأزهار في إحدى قصائدها، كما ذكرها هوميروس أيضاً في ملحمتيه الشهيرتين، الأوديسا والألياذة، وفي القرن الثالث عشر تمّ نقلها عبر الحملات الصليبيّة إلى أوروبا حيث انتشرت زراعتها في كلٍّ من فرنسا وهولندا وبلغاريا وبريطانيا، وقد ذكرها الكاتب والمبدع عميد الأدب البريطاني ويليام شكسبير، مُشبّهاً إحدى بطلات مسرحياته بها في قوله" جميلة كجمال وردة دمشق".


خصائص الوردة الجورية
بالنظر إلى أهميتها التزينيّة للحدائق والمنازل، فإنّ هذه الوردة تُعطي بعد تفتحها ثمار على شكل كبسولات مخروطيّة لونها أحمر، وهي مصدر غنيّ جداً بفيتامين سي، كما أنّه بغليها وشرب نقيعها مع بذورها تُعتبر خير طاردٍ للغازات والرمل والحصى المتشكّل في الكلية، ولديها خصائص مهدّئة للأعصاب ومقاومة للتوتر، كما تُساهم في تنشيط الكبد والمرارة والدورة الدمويّة، وتهدئ من التهابات الحلق ونوبات السعال وتعالج تقرّحات الفم.

وقد أدركت أشهر بيوتات الأزياء وصناعة العطور أهميّة الوردة الدمشقية، فتهافتت عليها لاحتوائها على مركّبات فريدة كالسيترونيلوم، والجيرانيول، والزيت العطريّ المعروف بـ(روز غام) الزكيّ الرائحة، والذي يدخل في صناعة أشهر العطور الباريسيّة الفخمة والباهظة الثمن، كما يدخل أيضاً في صناعة المواد التجميليّة، وأنواع الصّابون الفاخر.

وتجدر الإشارة إلى أنّ كيلو غرام واحد من الزيت العطري للوردة الدمشقيّة يُستخلص من حوالي 4 أطنان من هذه الوردة، هذا بالإضافة إلى استخلاص ماء الورد الذي لا يُستهان بفوائده المُرطّبة والمُهدّئة والمُنظّفة للبشرة، والذي يدخل في تنكيه العديد من أصناف الحلويات الدمشقيّة، وفي صناعة شراب "الماورد" ذو التأثير الملطّف لحرارة الجسم في فصل الصيف، والذي يكاد لا يخلو منه بيت دمشقيّ، إذ يعود استخدام ماء الورد إلى القرن العاشر الميلادي، بالإضافة إلى بتلات الورد التي تُستخدم في صنع مربّى الورد، والمجفف منها يُضاف إلى بعض الحلوى التي تُقدّم للضيوف في المناسبات والأفراح والأعياد.


مميزات الوردة الجوريّة
تمتاز شتلة الورد بكثرة ورودها في موسم تفتحها، وهي على عدّة ألوان، فمنها الأحمر والزهري والخمري القاني والأبيض والأصفر بكل التدرجات اللونيّة، ومنها ما يجمع لونين أو عدّة ألوان معاً، وتُعتبر الورود الجوريّة في قائمة الهدايا المحبّبة التي يُقبل عليها الناس كونها تبعث الطمأنينة والثقة بالنفس، وباتت بحدّ ذاتها لغة رمزيّة للتعبير عن مكنونات الصدور بحسب المناسبة، وبات لكلّ لونٍ منها دلالاته، فالمُحبّ يُهدي الورد الجوريّ الأحمر، والمريض يُهدى الورد الجوري الأصفر أو الأبيض، وفي النجاح أو الترقية في العمل يُهدى الورد الزهريّ، وهكذا... حتى باتت هذه الوردة رمز دمشق والدمشقيين الخالد.

ولا أجمل ممّا قاله عنها الشاعر نزار قباني في قصيدته الدمشقيّة في إشارةٍ إلى رفعة شأنها وعلو مقامها:

"أنا وردتكم الدمشقيّة يا أهل الشام...
فمن وجدني منكم فليضعني في أوّل مزهريّة...".


بقلم:

ميرنا قره

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

INSTAGRAM FEED

@gh330kam