وبعض الأدب أسطورة...
بقلم: أندره عيد قره / سوريا



يقال في الفلسفة: إن النفس البشرية سريعة التصديق، تعالج الأمور وتبسّطها لأنّها تحمل قدرات خارقة. وكم من أساطيرٍ بتنا نحاربها وننعتها بأنها من مخلفاتِ الأمية والتخلف والجهل.
تعدُّ الأسطورة، ابتكار المخيّلة البشرية الإبداعية الأولى، وتجسيداً لتطور الإنسان الإدراكي والمعرفي والجمالي. ونرى ذلك جلياً من خلال نتاج الأدباء، وتأثرهم الواضح وإبداعهم في استخدام الأساطير في أعمالهم، لما تحمله من حكايات ساحرة مبهرة راقية مشوقة مألوفة للقارئ، ذات بعد إنساني تلامس القلب والعقل.
تعبّر الأساطير عن نظرة الشعوب القديمة إلى الحياة، فقدّمت لهم تفسيراً متكاملاً للحوادث الكونية ترضي مستوياتهم العقلية، وبينما واكبت الأسطورة العقول البشرية وقامت بتفسير مجريات الكون، فقد حاربت الخرافة العلم واهتمت بجزئيات الحياة.
أهم ما ارتكزت عليه الأسطورة في سيطرتها على عقول البشر، هو مبدأ حيوية الطبيعة والتفسير الهوائي للأحداث، حيث منح القدماء صفة الحياة للجوامد مثل النيل عند الفراعنة ومنحوه الإرادة والقدرة، وفسّروا حدوث الأشياء حسب غاياتهم، فالشمس تشرق كي تنير لهم الأرض، والنجوم تضيئ كي تهديهم في الطريق، والمطر ينزل لكي يروي زروعهم، وربما يعتقد البعض أن القمر يظهر لكي يذكره بحبيبته، أو أن الغيمة تمطر لكي تشابه دموع فراقه.
إن علاقة الأسطورة بالأدب كحلقات متصلة في سلسلة الإبداع البشري، فالأدب هو المسؤول الحقيقي عما سعت الأسطورة إلى تحقيقه وكما يقول (فراس سواح): "أن يعرف الإنسان مكانه الحقيقي في الوجود، وأن يعرف دوره الفعّال في هذا المكان".
لا يختلف الباحثون على أنّ أفلاطون هو أول من أطلق كلمة ميثولوجيا أي الأسطورة على فن رواية القصّة... فكان اليونانيون سبّاقين في معرفة فن السرّد الأدبي والتعامل معه بإبداع وموهبة ودراية، فكانت الأسطورة تُجسَّد في ظل الأدب - نشاطاً فكرياً - تُجيدُ فرض التوازن بين الإنسان ومحيطه... ونرى أن الشعرّ قد جسّد لنا - بكلامٍ مبهمٍ - أقدم ما وصلنا من نصوصٍ تختص بالسّحر والعبادة وطقوسها، إلى أن تحوّل لما يعرف بـ(ملاحم شعريّة) – كما في المسرح الإغريقي - ذات ترنيمات غنائيّة، وبكلامٍ موزونٍ إيقاعي، ذات تأمل ديني بدءاً من خلق الآلهة وصراعها، حتى سيرة بطل الملحمة ومغامراته... وقد يكون هذا الحدث الأسطوري الخارق بسيطاً، يتكون من عنصر قصصي واحد (وحدة حكائية)، وقد يكون مركباً من عدد منها.
يخبرنا (لوكاتش وليفي شتراوس): "سمةُ حضارة تفتقر إلى نظام، واتساع رقعة، ومنطق الأسطورة، لكنّها مع ذلك تبحث عن إعادة اكتشافها في عملية إبداعية جديدة، وهي الرواية" فكان بنظرهما أن حاجز الزمن هو الاختلاف فقط بين عصري الرواية والأسطورة.
تتداخل الأسطورة مع الحكايات الشفاهية والبطولية والخرافية، وتختلف في سبكها باختلاف الشعوب وتراثهم... بينما نستطيع التمييز في تراثنا العربي بين الأسطورة والحكاية والخرافة والسيرة، رغم تداخلها مع بعض الأجناس في بعض الأحيان، فنراها تتباعد في الهدف والوظيفة وتتقارب في البناء والفنيّة... وتشترك الأسطورة مع الحكاية الشعبية باللامعقولية وغياب المنطق.
يقول (بول فان تيغم): "الأساطير، هي الأحداث أو مجموعات الأحداث التي لها كممثلين بعض الأبطال الخوارق الأسطوريين أو التاريخيين، إنّهم أبطال يقدمون نماذج فريدة من الإنسانية، ومع ذلك فبإمكان كل كاتب عندما يتناولهم بالبحث أن يطوّر ويحور إلى حدّ ما".
لنتأكد هنا أنّ الفكر الأسطوري ملك مشاع لكل البشرية، إذ لم يقتصر على ثقافة دون أخرى ولا حضارة دون سواها، إلاّ أنّ المعرفة بالتراث الأسطوري هي الفيصل بين ذيوع أساطير معينة وانتشارها دون أخرى، بفضل المعارف التي تناولت الأسطورة أو المجالات التي تجلى فيها الفكر الأسطوري كالأدب والفنون.
وقد نشأ من هذا الارتباط بين الأسطورة والأدب مصطلح غزا السّاحة النقدّية، وأثار اهتمام المبدعين النّقاد على حدّ سواء، وهو ما يعرف بالأسطورة الأدبيّة.
أمّا (تروسون) فيرفض الخوض في الفصل بين الأسطورة والأسطورة الأدبيّة؛ لأنّ الأساطير لم تصلنا إلاّ في حمولات أدبيّة، أي أنّنا لم نتعرّف على الشّكل الأوّلي للأسطورة، بل أدركناها متفتّحة داخل أجناس أدبيّة وحاملة لخصائص تلك الأجناس: فنحن عندما نقرأ (اسخيل) أو (أوفيد) أو (فرجيل)، لسنا أمام أساطير، بل نحن أمام أدب فيه أساطير.
والخيال أو المخيال كما يسمّيه بعضهم، هو صانع الأسطورة أو الفكر الأسطوري، حيث ترى (سوزان لانجر) أنّ "الأسطورة والخرافة وحكايات الجان ليست أدباً في ذاتها، وليست فناً على الإطلاق، بل هي أضغاث، وهي في حدّ ذاتها مادة خام للفن".
كما كتب (إرنست كاسيرر) في كتابه (مقال في الإنسان): "وهنا شكل آخر من الخيال يتّصل بالشّعر اتصالاً وثيقاً فيما يبدو، ذلك هو الأسطورة".

ولعلّ المادة الأكثر تناولاً في أساطير الشعوب كان القمر، فقد مجده الحرانيون في بلاد العراق، وكانوا يصومون لأجله في شهر مارس، وتسمت به العرب على وجه المديح والثناء، أو على جهة اللقب، وعبده الناس منذ القدم منهم قوم (عاد)، ومنهم العرب الذين اعتقدوا أن إليه يعود تدبير العالم السفلي، فجعلوا له صنماً على هيئة عجل وبيده جوهرة، وسجدوا له وصاموا أياماً معلومة من كل شهر، وأتوه فرحين مسرورين حاملين الطعام والشراب، ورأوا أن له تأثير في حمل الأشجار، ووفرة غلاتها. ولا تغيب عن البال قصة المستذئبين وعواءهم عند اكتمال البدر التي شغلت تفكير الناس في القرن الثامن عشر، وتناولها أغلب كتاب الخيال العلمي في عصرنا الحالي.
وتقول اسطورة هنود القارة الأمريكية أن القمر كان رجلاً يعيش مع ابنتين له على الأرض ذات مرة سرق روح طفل جميل استهواه، وسجنها تحت قدر، فجاء ساحر طبيب يبحث عنها، فاختبأ القمر تحت قدر أخرى، لكن الساحر كسر القدور كلها، وعثر على الروح، ووجد كذلك سارقها، فقرر القمر أن يصعد إلى السماء برفقة ابنتيه، وتولى مهمة إنارة طريق الأرواح البشرية.
لما كان الإنسان يتأمل مظاهر الكون العجيبة الغريبة حائراً قلقاً، رفع رأسه إلى الأعلى، فرأى أول ما رأى القمر متألقاً ساطعاً في جوف الليل البهيم، ومحتلاً كبد السماء، قذف ذلك الرهبة والروع في قلبه، فخصّه بالعبادة، وقدسّه، ورفعه إلى مقام الألوهية، وتوسّل إليه في التفاؤل والتشاؤم، إذ تفاءل ببزوغ هلال أول الشهر، وتشاءم بخسوف القمر حين تبدو صورته حمراء تميل إلى لون الدم. فتعاطف الإنسان مع القمر حيث رآه في أزمة خانقة، فيدعو له بالتخلص منها، كما تُظهر ذلك المرددة المصرية الشعبية التي تقول:

يا بنات الحور... خلوا القمر يدور
يا بنات الجنة... خلوا القمر يتهنى
يا سيدنا يا عمر... فك خنقة القمر
يا سيدنا يا بلال... فك خنقة الهلال.

يبدو أنّ مسألة علاقة الأسطورة بالشعر هي علاقة ترابطيّة تكاد لا تنفصم أواصرها، كما يقول الأستاذ (بوبعيو)، لسبب بسيط يكمن في أنّ الشّعر يمثل نقل التّجربة الإنسانية إلى الواقع، والأسطورة هي التّجربة – في حدّ ذاتها – منذ أن أصبح هذا الإنسان يعي الأشياء من حوله، ويعبّر عن مكنوناتها في ضوء ما ألهمه الله من فطرة ونباهة وفكر، وبذلك وجَد الشّعر ضالته في الأسطورة، كما وجدت – في الوقت نفسه – الأسطورة ضالتها في الشّعر، فكلاهما خدم الآخر بطريقة عفويّة.
وإذا لاحظنا تلك العودة القويّة التي سجّلها الشعر العربي الحديث إبداعاً، وتبعه في ذلك، ورسم على خطاه النّقد العربّي الحديث، فذلك ناتج عن فهم هؤلاء الشّعراء والنّقاد لقيمة الأسطورة في ذاكرة الأمم والشعوب وما تختزنه في طيّاتها من تجارب إنسانية عميقة "... ومن ثمّ فإنّ العودة إلى استخدام الأسطورة في الشّعر عودة حقيقية إلى المنابع البكر للتّجربة الإنسانيّة، ومحاولة التّعبير عن الإنسان بوسائل عذراء لم يمتهنها الاستعمال اليومّي".
وفي الطرف الآخر نجد (ريتشارد تشيز) يطابق بين الشّعر والأسطورة بشكل نهائي، ويرى أنهما ينشآن من الحاجات الإنسانية نفسها، ويمثلان نوعاً واحداً من البنية الرمزية، وينجحان في أن يخلعا على التّجربة نوعاً واحداً من الرّهبة والدهشة السّحريّة، وينجزان الوظيفة التطهيرية ذاتها.
ومن أبرز الشعراء الذين أجادوا في كثير من الأحيان في توظيف الأسطورة توظيفاً فنّياً (بدر شاكر السيّاب) في قصيدته (سربروس في بابل) ويقول في مطلعها:

ليعو سربروس في الدروب
في بابل الحزينة المهدّمة
ويملأ الفضاء زمزمه،
يمزّق الصّغار بالنيوب، يقضم العظام
ويشرب القلوب
عيناه نيزكان في الظلام
وشدقه الرهيب موجتان من مدى
تخبئ الردى.

لقد أصبح توظيف الأسطورة في الشّعر، نوعاً من التكنيك الفنّي، الذي يراد به خلق نص جديد يوازي النّص الأسطوري الموظف الذي يمثّل كحقيقة مطلقة، يتّم الرجوع إليها في لحظات الضعف والانهيار، وزوال القيم، إنّها الأسطورة عندما يتّم الرجوع إليها وكأنّها منحدرة من مكان لا وجود فيه لحقيقة الإنسان المرّة، والشّاعر العربيّ باعتباره النّاطق الرّسمي باسم أنّات شعبه، يبحث دائماً عن ملاذ يكتشف من خلاله الحقيقة المنسّية في تاريخه وحاضره، وكان من بين المغامرات التي ركن إليها الشاعر (عبد القادر الحصني) مغامرة السّندباد البحريّ الذي رحل وأبحر في الآفاق، نحو المجهول بحثاً عن المعلوم، عن الحقيقة:

رأيت ولكنّي ما تذكّرت
نصف الحقيقة أنيّ رأيت
ونصف الحقيقة أنّي نسيت
*     *     *     *
أنا لا أدافع عن قمر بعد سبع ليال،
ولا عن وميض المنارة في ساحل البحر
تنبض كالقلب،
حين تضيء وتعتم للسّفن القادمات،
تغطّي لواعجها نصفها تحت سطح المياه،
وتبدي مباهجها نصفها حين تظهر.

هي أسطورة الفراغ، والإبحار في الآفاق بحثاً عن الحقيقة، والزّمن الدوّار الذي يفتح شدقيه: اللّيل والنّهار، كأنّه وحش خرافيّ يبتلع كلّ من يجده قابعاً وساكناً في مغارته الصّامتة المظلمة أو تتسكّع في شوارع الزّمن وطرقاته. لا شيء يمكنه أن يوقف حركة الزّمن غير الإنسان الواعي والرّابض بباب المنارة في ساحل البحر، حيث ينبض برسالته التّاريخيّة البانية لحضارته.

كما حفلت كتب الأدب العربي بالأساطير الحضارية، فضلاً عن أساطير بعض المخلوقات أو الكائنات الخارقة، وبعضها موغل في القدم، مثل أسطورة عوج بن عنق أو عناق، وأسطورة زرقاء اليمامة، الكاهنة التي كانت تبصر الشيء من مسيرة ثلاثة أيام. وبعضها حديث نسبياً، مثل أسطورة الكاهن شق؛ وقد سمي بذلك لأنه ولد بشق واحد، وبيد ورجل وعين واحدة وأسطورة الكاهن سطيح الذي كان يدرج كما يدرج الثوب، ولا عظم فيه إلا الجمجمة. وتروى عن كليهما قصص عجيبة وأحاديث غريبة ذات طابع أسطوري بحت.
ومن منّا لم يقرأ في أدبنا العربي عن أسطورة وادي عبقر حيث تقول الروايات أن هذا الوادي تسكنه شعراء الجن منذ زمن طويل، ويقال أن من أمسى ليلة في هذا الوادي جائه شاعر أو شاعرة من الجن تلقنه الشعر، وأن كل شاعر من شعراء الجاهلية كان له قرين من هذا الوادي يلقنه الشعر، أمثال امرئ القيس والنابغة الذبياني وغيرهم.
إنّ لكلّ أسطورة قيمة ودلالة وجوهر، وتكمن فيها أسرار ومعان بحاجة إلى التدقيق والتمحيص والتعمّق لإدراكها وفهمها، مع التأكيد على ضرورة العودة إلى اللغة العربية القديمة بلهجاتها المختلفة لفك رموز الأساطير بعيداً عن الترجمة القاصرة التي غيّبت الكثير من مراد الأساطير ومغازيها. فهي مستحبة إذا ما وظفت توظيفاً إبداعياً في خلق حالات التغير وضرب المثل الأروع ونقد الجانب المظلم منها وما إلى ذلك من دلالات.
وما دامت الأسطورة باعتبارها ميلاً ونزوعاً تعمل كخميرة لكل أشكال التعبير الفنيَّة، وتضع بين أيدينا منظاراً ملوناً يعيد البهجة والمعنى إلى الحياة، فإن باستطاعتنا الركون إليها واعتبارها مصدراً إيجابياً في إنتاج الثقافة واستهلاكها.
إلاَّ أن قيمة النص الأدبي لا تكمن فيما يقوله فحسب، بل في كيفية أو كيفيات أدائه لهذا القول أيضاً، وإذا كانت هذه الكيفية/الكيفيات هي ما يجعل منه عملاً أدبياً، فإن الجنس الأسطوري يبدو أكثر الأجناس الأدبية كفاءة في كيفية ابتكار الكيفيات التي تتعدد بها، وعبرها وسائط نقل الرمز الأسطوري من كونه المادة الخام إلى كونه فناً.
تبقى الأسطورة نوعاً من الخطاب الأدبي والفني الذي يدفعنا - عن طريق الرمز والإيحاء وإشعال نزعة الحنين فينا والنوستالجيا إلى الماضي - إلى الحلم الجميل والتخيل والسعي دائماً نحو عالم أفضل، وتبقى الأسطورة - خاصة في المجتمعات المتخلفة - حلاً جمالياً أخّاذاً لحالتي العبوديّة والكبت اللتان يعاني منهما الفرد، وفي مجتمعاتنا العربية يبقى استحضار الأسطورة - في كثير من الحالات - بمثابة استحضار للبطولة الغائبة لعلَّ هذا البطل يكون المنقذ والشمعة التي تضيء النفق المظلم.
ولعلّنا ندرك من خلال قراءة الأساطير وما حوته من لغة وفن وحدث، أنّ بعض الأدب أسطورة... وبعض الأسطورة أدب.


المراجع:
1- فراس السّواح: مغامرة العقل الأولى، دراسة في الأسطورة، ط1، دار الكلمة، بيروت، 1981.
2- محمد شاهين: الأدب والأسطورة، ط1، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 1996.
3- أنيس فريحة: ملاحم وأساطير من الأدب السامي، ط2، دار النهار، بيروت، 1979.
4- ميشيل زيرافا: الأسطورة والرواية، ترجمة صبحي حديدي، ط1، دار الحوار، اللاذقية، 1985.
5- بروكس كلينث: الأسطورة والنموذج البدئي. ضمن كتاب (النقد الأدبي الحديث بين الأسطورة والعلم). ترجمة محي الذين صبحي. الدار العربية للكتاب. طرابلس، 1988.
6- د. رمضان الصباغ: في نقد الشّعر العربي المعاصر. دراسة جمالية.
7- كاسيرر إرنست: مدخل إلى فلسفة الحضارة. مقال في الإنسان. ترجمة إحسان عباس. مراجعة محمد يوسف نجم. دار الأندلس مؤسسة فرنكلين. دط.1961 بيروت نيويورك.
8- تيغم بول فان: الأدب المقارن. تعريب سامي مصباح الحسامي. منشورات المكتبة العصرية. بيروت.
9- عبد الحليم منصوري: من عولمة الأسطورة إلى أسطورة العولمة. مجلة التواصل الأدبي. ع1 جوان 2007 . عنابة.
10- أنس داود: الأسطورة في الشّعر العربي المعاصر. نقلاً عن بوجمعة بوبعيو. حضور الرؤيا واختفاء المتن.
11- عبد القادر الحصني: الدّيوان. ط سوريا.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

INSTAGRAM FEED

@gh330kam