ابن باجة مقدّس العلم والعقل

ابن باجة  مقدّس العلم والعقل



ابن باجة هو أبو بكر مُحمّد بن يحيى بنُ الصائِغ بنُ باجة النجيبي، أحد أبرز الفلاسفة الأندلسيين، له اهتمامات عديدة في مجال الرياضيّات والطب والأدب والموسيقى والفلك، وكان أحد القضاة ووزراء الدولةِ المُرابطيّة.
وُلد في مقاطعة سرقسطة الإسبانيّة عام 1080م، وتوفي عام 1138م في مدينة فاس المغربيّة.
كان ابن باجة يحضّ على التعقّل العميق للقضايا قبل اتخاذ أيّ قرار، لأنّ التعقّل وتمحيص الأمور تفضي دوماً إلى القرارات الصّائبة، وأنّ كافّة الأخطاء السائدة هي حصيلة فساد الأفكار أو ضعفها.
كان ابن باجة مولعاً بالموسيقى والموشّحات، وعمل كاتباً لدى (إبراهيم بن تيفلويت) الّذي عيّنه فيما بعد وزيراً.
بعد سقوط سرقسطة، توجّه ابن باجة إلى شاطبة الّتي كانت ماتزال تحت سيطرة (إبراهيم بن يوسُف بن تاشفين)، وفاتّهَم ابن خاقان ابن باجة بالزندقة والإلحاد، حيث قام بتأليف كتاب (قلائد العقيان ومحاسن الأعيان) للردّ عليه.
خلال تولّي ابن باجة للوزارة عانى العديد من المتاعب جرّاء الشكوك والاتهامات التي أُلصِقت به من قبل أتراب الأمير وأعوانه، فبالإضافة إلى تهمتي الزندقة والإلحاد، شُكِّكَ بولائه للأمير، وفي نهاية الأمر غُدِرَ به ليقضي مسموماً مفارقاً الحياة بسبب تلك الاتهامات.
وضع ابن باجة كافة علومه في الرياضيّات والطبّ والفلك والموسيقى في خدمةِ فلسفته، وقد كان بهذه الخطوة أوّل من أقام كافّة العلوم الفلسفيّة على أُسسٍ من العلوم الطبيعيّة والرياضيّة، وهذا الأمر أوصله لمكانةٍ رفيعة لدى الحكّام في بلاده، وهو الأمر ذاته الّذي أثار حوله غيرة وحسد وكره الوزراء وقتها، حتى وصل الأمر بأن كتب فيه (الفتح بن خاقان) قائلاً:
"إنّ الأديب أبا بكر بن الصّائغ هو قذى في عينِ الدّين، وعذابٌ لأهل الهُدى".
مات ابن باجة مسموماً وترك خلفه العديد من المُصنّفات في علومٍ شتّى، كالحكمة والرياضيّات والطبّ والحيوان والطبيعيّات، إضافة لكتبٍ في علم النّفس والمنطق حال موته دون إتمامها.
كان هذا العالم العظيم يرى بأنّ كلّ حيٍّ يُشارك الجمادات في أمورٍ، وكُلّ إنسانٍ يُشارِك الحَيوان في أمورٍ، لكنّ الإنسانَ يتميّز عنِ الحيوان غيرِ الناطِق والجَماد والنبات، بالقوّةِ الفكريّة، ولا يمكن أن يكون إنساناً إلاَّ بها.
هذا رأي بن باجة في فلسفته لتعريف الإنسان وتمييزه عن كافة الكائنات الأخرى، ولم يكن يعلم بأنّ شرّ الإنسان هو عقله الّذي دبّر له مكيدةً نكراء، وأنهى حياته لمجرّد أنه رجلُ علم، فحوّلوه بمكرِهم وحقدِهم وتشددِهم إلى رجلٍ زنديقٍ كافرٍ، وقتلوه دون أن يرفّ لهم جفن!

بقلم

غادة حلايقة



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

INSTAGRAM FEED

@gh330kam