قال لي الحقد..

قال لي الحقد..


قالَ لي الحقد: أفسحي لي مجالاً في قلبكِ ولأرْيَكِ ما أنا فاعلٌ بأُولئكَ الغاشمين..
تحسَّستُ قلبي.. وتأكدتُ من إحكامِ أضلاعي الحصار حولَهُ لحمايتهِ من أيِّ انقضاضٍ على طيبَتِهِ.. حتى لقد اقترحت على نفسي مراجعةَ طبيبٍ مختصٍّ للتأكدِ من أنَّ حِقداً ما مهما كبُرَ أو صغُرَ لم يستطعْ اقتحامَ حصونِهِ وابتناءَ مقرٍّ لهُ فيه..
تدلَّل الحقدُ.. وصاغَ صوتَهُ على أنغامٍ عذبةٍ مغريةٍ تسمحُ بالتَّرحيبِ به أينما يشاء.. لكنني صمَمْتُ أُذنيَّ عن سماعهِ.. ليقيني أنها عذوبةٌ زائفةٌ القصدُ منها تمرير سمومهِ عبرَ حدودي الآمنة..!
اضْطُرَ الحقدُ لتبديلِ لهجتِهِ لعدمِ نجاعتها.. فتجهَّمَ وجهُهُ وانتبجتْ أوداجُهُ وعبَّأ صوتَهُُ بزمجرةٍ لم أدرِ من أينَ استَوْلَدَها.. وصاحَ بي مهدِّداً: (سأقتحمُ تلكَ الحصونَ مهما كلَّفَ الأمر.. ما زلتُ مصرِّاً على دخولِ قلبكِ والإقامةِ في كل حجرةٍ  من حجراتهِ بعدَ طردِ ما يسكنهُ من محبةٍ وتسامحٍ وإيثار.. لا بدَّ أن أشحنَ نبضكِ حقداً على أولئكَ السيِّئين..!)
ابتسمتُ ساخرةً وعلا صوتي بمواجهتهِ: أما رأيتَ أن غيركَ لم يستطع النَّيلَ من قلبي الصّغير؟ فما بالكَ واثِقٌ من النَّيلِ منِّي.. اذهب إليهم فقلوبهم مأواكَ.. أما أنا فأَكنُّ عرفاناً بالجميلِ حتى لأولئك السَّيِّئين.. فبفضلِ عتمةِ نفوسهمْ لمحتُ لمعانَ النُّفوس النبيلة..!!

* من سلسلة قالت لي الأيام.


بقلم: إيمان نايل عبيد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

INSTAGRAM FEED

@gh330kam