هل تعرّف مَن تكون قاهرة الدنيا والعِدا؟

هل تعرّف مَن تكون قاهرة الدنيا والعِدا؟

إنّها بحق واحدة من أجمل عواصم العالم وأكثرها اكتظاظاً بالسّكان، إنّها مدينة القاهرة العاصمة المصرية، والتي لقّبها بـ(قاهرة الدنيا) أو (قاهرة العدا) الخليفة الفاطمي المعزّ بالله، مستبشراً بها كفألٍ حسنٍ، وبشرى خير، حين أوكل ببنائها في عام ثلاثمئة وثمان وخمسين للهجرة، لقائده الهُمام جوهر الصّقلي، والذي قام بدوره في أثناء عزمه على بناء سورها، بالطّلب من أمهر المنجّمين والعرّافين في عصره، أن يختاروا طالعاً لحفر أساسات المدينة المزمع بناءها، على أن يختاروا طالعاً آخر، ترمى في إثره الحجارة، للبدء بأعمال البناء.

فاستجابوا لطلبه، وقاموا بوضع عوارض خشبيّة، وجعلوا فيها حبال مزوّدة بعددٍ من الأجراس، واتّفقوا مع العمال والقائمين على أعمال البناء، أنه في حال تحرّكت الأجراس، وسُمع رنينها، يقومون برمي ما بحوزتهم من الحجارة والطين في موقع حفر الأساس بحسب العادة التي كانت متبّعة حينها.


وبعد ساعات من الانتظار، وفيما هم يرقبون ما سيحدث، شاء القدر أن حطّ غُراب على إحدى تلك العوارض الخشبية، فتحرّكت الحبال ورنّت الأجراس المُتدليّة منها، الأمر الذي تنبّه له عمال البناء وجعلهم يرمون ما معهم من الحجارة والطّين في الموقع، ظناً منهم بأنّ المنجّمون قد أعطوا الإشارة  المتّفق عليها، إيذاناً منهم بالإعلان عن البدء بأعمال البناء، بينما قد أخذت الدهشة المنجمون، فبدأوا يصيحون بأعلى صوتهم ولأكثر من مرةّ:

- "لا، لا، القاهر في الطّالع"!!

وكان وقتها كوكب المرّيخ في الطّالع، وكان هذا الكوكب يُعرف في علم التّنجيم باسم القاهر، ولذلك اعتَمد المعز تسميتها بالقاهرة ، تفاؤلاً بأن العباسيين سيُقهرون على أعتابها، في الوقت الذي فضّل فيه جوهر الصقلي أن تُسمى المنصورية نسبةً إلى المنصور أبو المعز، وكانت تشغل مساحة تُقدر بألف ومئتين ياردة، جُعل منها ثلاثمئة فدان ضمن السور، وسبعين فدان خُصّصت لبناء القصر الكبير، كما خصّص خمس وثلاثين فداناً لبستان الكافور وثلاثين غيرها خُصّصت للميادين، في حين أن الفدادين المتبقية، خصّصت لبناء حارات خاصة تعود إلى الفُرق العسكرية.

وكانت الغاية من بناء هذه المدينة هو أن تكون حصناً منيعاً في وجه المُعتدين على الفسطاط (مصر) وعلى رأسهم القرامطة، وقد تمّ تجديدها في عام أربعمئة وثمانين للهجرة على يد بدر الجمالي.

هذا، وتُرجّح بعض الرّوايات القديمة الأُخرى، أنّ سبب التّسمية يعود للإله "كاهي رع " حامي مصر، وهو إله الخصب والنّصر والشّمس والقوّة عند قدماء المصريّين.


بقلم:

ميرنا قره


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

INSTAGRAM FEED

@gh330kam