القهوة ملكة المشروبات

القهوة هي ذلك المشروب السّحري الّذي تتلقّفه العقول، وتُسرّ به القلوب، فنستعدّ للتّلذّذ بشربه ما أن تفوح رائحته الزّكية بعد غليه مضافاً إلى الماء، فتدغدغ أنوفنا وخلجاتنا، تكاد لا تخلو جلسة من رفقته ولا يحلو لقاء إلاّ بصحبته. فالقهوة رفيقة الصّباح، وأنيسة المساء، وباتت ركن أساسيّ من تراث وتقاليد الشّعوب، لها طقوسها الخاصّة الّتي تختلف من أمّة لأُخرى، وبات لها مدلولاتها ورموزها، حتى تناولتها الأمثال الشّعبية، وقد انتزعت لنفسها المرتبة الأولى بين أكثر المشروبات استهلاكاً، حتى تفوّقت على الماء والشّاي، وهي ثاني السُلع تداولاً بعد النفط في بورصة التجارة العالمية.

تنمو حبوب القهوة في سبعين بلداً، إلاّ أنّ الموطن الأصلي لها هو قارة إفريقيا، ويُعد هذا المشروب الآسر من بذور حبوب البن المحمّصة.

أوّل من اكتشف التّأثير المنبّه والمنشّط للقهوة، هم قبيلة الأورومو في أثيوبيا، وفي القرن الخامس عشر انتقلت إلى اليمن، وهي أول الدول العربية التي زرعت شجيراتها وباتت تُعرف بالقهوة العربية، وهي من أجود وأفخر الأنواع وألذّها طعماً، وتعرف (بموكا) أو (قهوة مخا) نسبة إلى ميناء مخا الشّهير في اليمن، الذي تنطلق منه السُفن المحمّلة بالبن اليمني لتصديره إلى كافة أنحاء العالم.

وبعد اليمن انتشرت في شبه الجزيرة العربيّة التي كانت الرّائدة في تخمير وتحميص بذور القهوة، ومن ثمّ انتشرت في مصر وأرمينيا وتركيا وإيران وإيطاليا ومنها إلى كامل دول أوروبا وأندونيسيا ومن ثمّ إلى أمريكا الشمالية والجنوبية.

تعود أصول كلمة قهوة باللّغة العربيّة إلى الفعل (قها) الذي معناه فقد الشّهية، حيث كان يسود اعتقاداً أنّ مشروب القهوة يُفقد الشهية للطّعام، ويُبطء الشّعور بالجوع، بالإضافة إلى نسب كلمة كوفي إلى منطقة كافا في أثيوبيا.

فوائد القهوة إذا تمّ تناولها باعتدال:

- تُقلل القهوة من خطر الإصابة بسرطان وتليّف الكبد.

- بفضل غناها بمضادات الأكسدة، تُساعد على تحسين مستويات الكولسترول في الدم.

- تحسّن من صحة جدار الأوعية الدموية.

- لوحظ أنّها تُساعد في رفع الأداء والمهارات، خصوصاً لدى الرياضيين.

- القهوة تمنع الصُداع، وتُقلل من الإصابة بالجلطة الدماغيّة.

- تُخفّف من الإصابة ببعض الأمراض كالزهايمر والرُعاش والخرف والسكّري والاكتئاب.

- تُحافظ أيضاً على نضارة البشرة، وتقلل من فرص ظهور الأكزيما وحبّ الشباب.

مضار القهوة إذا أُسرف في تناولها:

من المفيد أن نعرف أن مضار القهوة كلها ناتجة عن مادة الكافيين الموجودة في تركيبتها وهذه المادة تسبب:

- الأرق وصعوبة في النوم.

- ترفع من نسب الإصابة بأمراض القلب والشرايين والسكتة الدماغية.

- تؤثّر على مستوى الكالسيوم في العظام، فتزيد من فُرص الإصابة بلين العظام، وتُقلل من امتصاص الحديد والزنك.

- قد تؤدي إلى اضطرابات هضميّة، وتضرّ بالقولون العصبي، وقد تُعطي شعور بالغثيان، ورعشة في الأطراف.

يستحضرني قول للطبيب الألماني المستشرق ليونارد راوولف عام 1583م، في وصفه للقهوة وطقوس شربها، إذ قال:

"مشروب أسود كالحبر، مُفيد في علاج العديد من الأمراض، خاصةً أمراض المعدة، يشربه مستهلكوه في الصباح، في فنجان من الخزف إلى حدّ بعيد، حيث يمرّر حولهم فيشرب كلّ منهم كوباً مليئاً، وهو يتكون من الماء والفاكهة المأخوذة من الشجرة المسماة بالبن".

بقلم:

ميرنا قره