عازفات الشرّ إليزابيث باثوري (كونتيسة الدم)


عازفات الشرّ إليزابيث باثوري  (كونتيسة الدم)

إليزابيث باثوري، هي كونتيسة مجريّة الأصل، ولدت في السّابع من أيلول عام 1560م، تنتمي لعائلة تُعدّ من أقوى وأغنى العائلات الهنغاريّة، إضافةً للسمعة السيّئة التي عُرفت بها تلك العائلة والنّاتجة عن الأعمال والمُمارسات الفاضحة للعديد من أفرادها، ومن بينهم عم الكونتيسة إليزابيث، حيث كان يُعتقد بأنّه كان عبداً للشيطان، وعمتها (كلارا) المُشعوذة ومثلية الجنس، والتي كانت تتلذّذ بتعذيب خدمها... وغيرهم.


عاشت الكونتيسة تحت كنف عمّتها كلارا لفترةٍ طويلةٍ، فقد كانت ترى أفعال عمتها الشّاذة والشرّيرة، وممارساتها اللا إنسانيّة مع الخدم، وشُرب دمائهم، وتعذيبهم، وكان تأثيرها عميقاً عليها، خاصّةً بعد أن كان والداها معروفان بالجنون، حيث قيل بأنّهما كانا يضحكان ويبكيان بدون أيّ سببٍ. وقد قيل بأنّ والدها قد أقدم على قتل طفلٍ صغيرٍ أمام طفلته، ولم تكن قد بلغت التاسعة من عمرها في ذلك الوقت، كلّ تلك الأحداث التي رأتها وعاشتها إليزابيث كانت سبباً في نشوء وتطوّر سلوكها الإجرامي المتوحّش.

تزوّجت الكونتيسة إليزابيث من (فرينك ناداسادي)، وهي في الخامسة عشرة من عُمرها، وعاشا سويةً في قلعة (كاسجيت)، التي تحوّلت فيما بعد لمسرح الجرائم التي ارتكبتها باثوري.

ظهرت ميول الكونتيسة الإجراميّة وساديتها للمرّة الأولى في السّجن الواقع داخل قلعتها، فبينما كان زوجها يقوم بتعذيب أحد المساجين هناك، قامت باثوري بالتقاط مقصٍّ فضيٍّ يعود لزوجها، وعمدت إلى طعن أحد المساجين، واحتفظت بعدها بالمقصّ في غرفتها، حيث كانت تشعر بسعادةٍ ونشوةٍ لا مثيل لها، وهي تتأمّله وتتذكّر ما يمكن فعله بهذا المقصّ.

ومنذ ذلك الوقت أدمنت باثوري التعذيب، وتفنّنت في ابتكار طرقٍ له، لدرجة أنّها قامت بابتكار أدوات وطُرق وأساليبَ جديدة لتعذيب المساجين في قلعتها؛ كالضرب بالهراوات الثقيلة، والحرق على قيد الحياة، وازدادت دمويّتها ووحشيّتها بعد ذلك بأن كانت تجرّ الفتيات وتعريهنّ في الخارج وتسكب المياه الباردة عليهنّ إلى أن يتجمدّن حتّى الموت.

قيل بأنّ الكونتيسة كانت تتلقّى العَون في ارتكاب تلك الجرائم من خادماتها كاترينا وهيلينا جو ودوروكا، إضافةً لصديقتها أنّا دارفوليا، وبالطبع تحت إشراف عمّتها كارلا - مثلها الأعلى -.

كانت الكونتيسة أكثر ما تخشاه هو ذهاب جمالها، وكيفيّة الحفاظ عليه، وذلك بالتعاون مع مجموعة من المُشعوذين، الّذين يقدّمون لها النصح والمشورة، ويسعَوْن لخدمتها بأيّ ثمنٍ كان.

توفّي زوج الكونتيسة عام 1604م، وقد أدّت وفاته إلى تدهور حالتها النفسيّة، لدرجة تخليها عن ابنها الوحيد لعائلة زوجها مقابل تملّك القلعة، كُلّ تلك الأحداث أشعرت الكونتيسة بالعجز، وبأنّ جمالها وشبابها بدأ بالتلاشي، ولم تَعُد تُجدي أدوية السّحرة وعلاجاتهم بأيّ نفع، وبطريق الصدفة عرفت العلاج الفعّال الذي يُمكن أن يُعيد إليها حيويّتها وشبابها المفقود. ففي يومٍ من الأيّام، وبينما كانت إحدى خادماتها تُسرّح لها شعرها، آلمتها عن غير عمدٍ، غضبت إليزابيث وأنزلت أبشع العقاب بتلك الخادمة من خلال إحداث جروحٍ كثيرةٍ في وجهها، وذلك باستخدام المقصّ الفضّي، الأمر الّذي أدّى إلى تلطّخها بالدم. أسرعت الكونتيسة لتغسل يديها فلاحظت بأنّ يديها أصبحتا أكثر نضارةً بسبب تلك الدماء، وكانت تلك بداية جرائمها الأعنف بعد استشارتها للسحرة الذين وافقوها الرأي.

كانت البداية لتلك الجرائم بعد أن أعطت أمراً للخدم بربط الخادمات الصغيرات بسلاسل من أرجلهنّ، وتعليقهنّ فوق حوض الاستحمام، وقطع رقابهنّ، فيتمّ تصفية دمائهنّ بالحوض، وابتكرت الكونتيسة أدوات جديدة في سبيل الحصول على دماء الفتيات، ومن تلك الأدوات صندوق على شكل جسد امرأة، بداخله تُثبّت المسامير التي تنغرس في جسد الفتاة التي توضع بداخله، وأطلقت على تلك الأداة اسم (العذراء الحديديّة).

إضافة لأدواتٍ أُخرى تعمل على تصفية دماء الضحيّة حتّى الموت، وبالطبع لم تكن دماء فتاةٍ واحدة كافية لملء حوض الاستحمام، هذا عن شرابها الذي تحوّل إلى كؤوسٍ من الدماء تتناولها فور استيقاظها من النوم، وقبل نومها مساءً، أما أجساد الضحايا فكانت تُقدّم كوجباتٍ لعمّال القلعة وحرسها.

تسرّبت أخبار جرائم الكونتيسّة إلى خارج أسوار القلعة، ووصلت تلك الأخبار إلى الحاكم الّذي قام على الفور بإرسال بعض المحقّقين إلى القلعة ومن بينهم جيورجي ثورزو، وكانت المفاجأة الّتي لم تُحاول الكونتيسّة إخفائها، حيث كانت تُلقي بالجثث في القبو الّذي ضم أشلاء أكثر من 650 فتاة.

وبهذا أُسدل الستار عن جرائم كونتيسة الدم، التي سيقت في شهر كانون الثّاني من عام 1611م إلى الحجز في إحدى غُرف قلعتها، حتّى ماتت وهي في الرابعة والخمسين من عمرها، في يوم الحادي والعشرين من أيلول عام 1614م.

بقلم

غادة حلايقة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

INSTAGRAM FEED

@gh330kam