الأدب العربي..

 الأدب العربي..

الأدب بحرفيّة تعريفه هو مجموعة الآثار المكتوبة والمتراكمة على السنين التي تبين العقل الإنساني بما أنشأ وبفنه الكتابي. الأدب هذه الكلمة الكبيرة العالمية والتي تشكل الوجه الجميل بكل تقاطيعه في العالم. إنه الدلالة المكتوبة لتذكر الماضي والحاضر والمستقبل في الخلق الكريم وتهذيب النفس وعلم الإنسان من جانب الأخلاق والفهم وشرح القيم الإنسانية، وهو أوسع من أن يلمّ به بحث قصير ولا سيما علاقاته بكل مفاهيم الحياة وفنونها مع الفلسفة والفلك وعلوم الكيمياء والطب والتاريخ والأنساب وأساليب الحياة الاجتماعية، وذلك بشعره ونثره.

أما هو في بلادنا العربية وحين لبس عباءته العربية فقد بدأ شفهياً وبالشعر قبل النثر لأن اللغة العربيّة لم تصل بعد إلى الهيئة الاجتماعية التي يمكنها ارتداء عباءة الأدب. وجذوره لدينا كانت كما يلي:
يقولون إنه لو استعملت كلمة أدب أو لفظة أدب عند العرب للدلالة على معان مختلفة حين بدأت من المأدبة والدعوة للمأدبة في أيام الجاهلية لأن المآدب والكرم يستلزمان المعارف اللفظية في هذه المواقف.


وفي مطلع القرن التاسع عشر وبعده استعملت للدلالة على جملة من العلوم الإنسانية سياسية واجتماعية، واللغة وبلاغتها والنقد صار مرافقاً لها وعناصرها الأدبية آنذاك أفكار وأخيلة وعواطف، كانت غاية الأدب البحث عن الجمال في كل ميادينه وبكل قوة العقل المولد الأفكار، وما ينبثق من شعور عن الوجدان وسعة الخيال بأسلوب أدبي جميل.

أما في أيامنا هذه فقد تحدد تقريباً بأمرين أولهما فنّ الكتابة وآثاره المتجلية في الفن، وله في سطور كتبنا أربعة مذاهب، إبداعي واتباعي وكلاسيكي وغيره ثم الأدب المقارن.

وليس الأدب كلام وصف فقط ولا جمع أفكار بل هو الفن الذي يحسن فيه الإنسان التعبير عن حسن التفكير وهو يدل على شخصية صاحبه الأديب الذي يرسم صورة الحياة الأدبيّة بإمكاناته من الخواطر والمشاعر. وبذلك يقال إنه يعطي صورة عامة للشعوب.

وينبثق عن الأدب خمسة فنون هي: الشعر ويكتب بوزن وقافية والوزن آتٍ من القديم من مشية قوائم الجمل كموسيقا توقع القافية تختم. وطبعاً معروف أن الخليل بن أحمد الفراهيدي وضع الأوزان مستنداً على القديم (على قول تاريخ الأدب) للأوزان التي سماها بحور الشعر من الشعر ولفظ الكلمات.. وذلك في العهد المتأخر.
والنقش في الخطوط والظلال والرسم وقوة الألوان والهندسة في الحجارة وحسابات وطرق تراكيبها.

أما الموسيقا فهي بنت الآلات وإعطاء الأصوات على توقيع فكري يحددها، والغنى الروحي من هذه النتائج التي تسمى الجمال الفنّي أنه ينشئ في بيئته عاطفة الحياة الحقيقية فيترك في النفس أثراً حياً وذلك بالتفاعل بين الفن الآتي وذات المتلقي.

وأدبنا العربي غني عن الماضي، ولو كان إقليمياً، فقد بلغ شوطاً جميلاً ولا نطلب التخلّي عن خصوصيات الأدب الإقليمي ولكن نطلب أن يعي الأدباء شمولية الأدب لعروبته بكل أقاليمها وجمال الأدب لكل إقليم.

ففي مصر خاصّة تقدّم الأدب كثيراً لدرجة وجود خمسة أدباء باسم واحد هو (شهاب الدين) وهم شهاب الدين بن فضل الله العمري سليل عمر بن الخطاب صاحب كتاب (مسالك الأبصار) وقد ولد بدمشق عام (700هـ). والثاني شهاب الدين النويري صاحب كتاب (نهاية الإرب). والثالث شهاب الدين القلقشندي صاحب (صبح الأعشى). والرابع شهاب الدين الحلبي صاحب كتاب (منازل الأحباب). والخامس شهاب الدين الأشبيهي صاحب كتاب (المستطرف).

وأتمنى على كل كتّاب الأدب العربي أن يتجهوا إلى إشراقة العصر من العلم والثقافة الاجتماعية أينما كانت، وهذا رأي قديم، فالحضارة الإنسانية ملك الإنسانية كلها وليس عيب أن نستفيد من الأدب الأوروبي الذي استفاد في عصور أوروبا المظلمة من أدبنا المترجم عن اليونان وغيرهم من الشعوب القديمة، ومما كان عندنا أصلاً. ومن لا يتقدم فهو يتأخر ولا سيما ونحن في عالم من السباق نحو كل قوة وحضارة وتقدم في كل مجالات الحياة.

ولا ننسى تقدمنا الأدبي الذي توَّجه الأدب المهجري من أبناء العروبة في العالم الجديد.

وأذكر أن للأدب العربي تصنيف من جهة الزمن فله ثلاثة أدوار، الأول في الجاهلية، والجاهلية اصطلاح مغلوط، والثاني في العهد الأموي الممتد حتى منتصف القرن الميلادي الخامس عشر، والثالث العهد العباسي المستفيد ثقافياً من أدب اليونان وترجمات الفرس وغيرهم حتى مجيء التتر (1258م). وجاء بعده العهد التركي الأسود الذي دفن الأدب والأدباء وأيام حكم المغول والمماليك قبله ودام الحكم العثماني حتى انتهى الوطن العربي مع نهاية الحرب العالمية الأولى عام (1918) وبعده بدأ قليلاً بما نسميه عصر النهضة البادئ في نهاية القرن التاسع عشر. وأخيراً رافق الأدب شعر الحداثة بعد كل أدب وشعر وهو الصورة الخالية من الإطار الذي يحميها من الآراء الناقدة المحيطة.

وللأدب مضادّات تفسد جماله هي الفوضى والشعوذة والتقليد السخيف للحقيقة، فالأدب مرآة الأمة، ويخالفها المزيّف فيشوه الأدب. وميزان ذلك يرتكز في الذوق السليم للفنان أو المتلقي الدقيق الفهم ويجب أن لا يخضع الأدب لسياسة منحرفة. وبحال قناعة الأديب من الأفضل أن تكون غايته بأن يكون ملتزماً بتوجيه العامة وسوقهم لمصالح الوطن معنوياً للدفاع وللبناء.

إن التاريخ الخبري لا يعطي معنى التاريخ الأدبي لأنه لا يقدم التعليل لبيان الأسباب وكيفية مقابلة النتائج بإيضاح الوضع المحيط بالبحث ثم الوصول إلى ما يلزم من النتائج. ويقال إن الإيطاليين توصلوا لذلك أولاً ثم الفرنسيين ولم يوفق العرب بظروف تسمح لهم بالالتفات للأدب لكثرة تعدي الدول القديمة وأطماعها بوقوع شبه جزيرة العرب على مفرق القارات الثلاث آسيا وأفريقيا وأوروبا وأكثر هذه المعوقات الفترة الطويلة الأخيرة الأربعة قرون العثمانية.

وبتصنيف الأدب شعراً أو نثراً فقد كان الشعر هو السابق عند العرب حتى قيل عنه ديوان العرب. ومر بمراحل منها أدب الانحدار حين كان يتعيَّش الشعراء على المدح والثناء متنقّلين من أمير إلى آخر ومن غني إلى غني كريم، وكان هذا في شمال الجزيرة العربية، مع من وفد إليهم من عرب الجنوب من القبائل البدوية ويتكسّبون المعيشة بالمدح باستثناء شعراء المعلقات.

والصنف الثاني للأدب هو النثر وهذا لم يدوّن مبكراً حيث لم تكن الكتابة ومستلزماتها متوفرة. صحيح أن الفنون الأدبية كلها تظهر الفكر العام وقد تميّز كل منها بطريقة خاصّة وجميلة. فالفن القصصي له غير ما للغنائي أو التمثيلي أو غيره. أما القصصي خاصّة ومن شعراء الملاحم تتمثّل فيه شخصية مؤلفه وهو يتناول الجماعات والأبطال كإلياذة هوميروس وشاهنامة الفردوسي. والغنائي أو الوجداني يتناول نفسيّة وعواطف الشاعر.

والتمثيلي يتناول درساً في حكاية أو رواية في المسرح. وللأسف أدبنا القصصي في الملاحم غير موجود لدينا، وقد وردت الأسباب آنفاً، والعربي البدوي قصير الخيال فيمكن أن يكون محامياً أو خطيباً وليس قصصياً لأنه لا يربط الماضي بالحاضر والمستقبل. وأما التمثيل فقد بدئ به حديثاً لدى العرب.

يتأثر الأديب فيتوجّه مدفوعاً من إيحاء طبيعة مسكنه وما يحوطه من النهر والجبل ومن طقس ومناخ وأما الثاني ما يولد فيه من فقر وغنى وما يحصل من ثقافة وسياسة واجتماعيات، والمؤثرات الموجهة كثيرة بحيث لا تحصى لأن اختلاف الظروف وتقلّباتها أكثر يزيد عليها التأثر بعلاقات أخرى، وكذلك للدين حق مهم بذلك إذ يزرع في النفس تعاليقاً تبقى قواعداً من الصغر وأتمنى أن تحكم في الاتجاهات قوة المحبة للجميع.

وأما الواقع فهو حقيقة لا تخفى أن الأدب العربي مرآة الروح العربية أصالة وبداوة، مظاهرها وصف القوة والفخر والحماسة.

يصنّف الأدب أيضاً أنه يدرس الموجود سلفاً ويسمى إنشائياً وجانباً آخراً أو وصفاً آخر هو ما يبدعه الإنسان من قريحته مبدعاً شيئاً ليس موجوداً بل لإيجاد شيء جديد. كما جرى مع فلسفتي أرسطو الواصف الشيء وأفلاطون الفاعل هذا الشيء عملياً. فالقسم المصنَّف أولاً هو تاريخ خبري

وأما التحليل هو الذي يحمل الفائدة لقراء الأدب لأنه الموجه الأول والتاريخ يعطي درسه السياسي للمستقبل، ومن هنا نرى العلاقة بين الأدب والتاريخ ونواحٍ أخرى من الاجتماعيات بعلاقاتها المنوّعة. فإن أفاد الوطن ارتفع مستواه وإن قصّر قاد إلى الانحطاط.

تصانيف الأدب كثيرة والميزة المختصرة لكل صنف من الشعر والنثر والأخريات زهرة فواحة، ويقال من كل روض زهرة كشاهد جميل على وصف الصنف الأدبي. والأجمل أن يمكن معرفة أين زرع ونما في أي قطر عربي ومتى؟!

أما المؤرخ فيليب حتي الغني عن التعريف يقول في مقدمة كتاب الأدب العربي: "من وجهيها تحدرت نماذج من الأدب العلماني مع لوحات خزفية من بلاد ما بين النهرين تعدّ بمئات الألوف ونماذج أخرى لا حصر لها من الأدب المصري المدوّن على ورق البردي تتضمّن بحوثاً من الأدب الحكمي الوعظي: فن القصص – العلوم – الرياضيات – الفلك – التقويم الشمسي – علم التنجيم – الفنون. وآخرها تعليق وأخبار من بلاد فارس.

أيضاً في مصر من الأدب الحكمي والقصة القصيرة أسطورتان على أقل تعديل تعزيان إلى الكاتب الإغريقي الذي عاش في القرن السادس ق.م والذي ينسب إليه القصص الصغيرة على لسان الحيوانات وهاتان أسطورتان ترجعان في أصلهما إلى مجموعات قصص سومرية من قصص مطلع الألف الثاني ق.م.

يظهر الأدب الحكمي في مصر لأول مرة في التاريخ في عصر رجل شبه أسطوري اسمه أمحوتب وزير السلالة الثالثة الذي ظل قرابة ألف سنة يعتبره أهل مصر ويكرمونه بوصفه حكيماً، لم يظهر في الدنيا نظير له، وحكمة المصريين ترمي إلى تنمية العادات الطيبة والسلوك الفاضل والحصول على الخيرات الأرضية ومعاشرة الناس. وتعزوها إلى حكيم آخر اسمه فتاح حوتب (عاش في عصر السلالة الخامسة) أقدَّ مجموعة من الأمثال والحكم وجهها إلى ابنه وظهر بعده حكيم اسمه امينابت وأدرج المؤرخ فيليب حتي نصاً من الحكمة المصرية القديمة لا لزوم لسرده.

الجناس كلمتان تشابهتا لفظاً واختلفتا معنى كقول الشاعر:

عباس إذا قدم الوغى


الفضل فضل والربيع ربيع


المقامة: شبه قصة قصيرة تدور حول الكذب والاحتيال تستخدم لإظهار البراعة اللغوية والأدبية، أما التعريف الواسع لها فهو: عبارة عن كتابة حسنة التأليف أنيقة التصنيف، تتضمن نكتة أدبية ومدارها على حكاية لطيفة مختلفة تستند إلى بعض الرواة، ووقائع شتى تعزى إلى أحد الأدباء، والمقصود منها غالباً جمع درر وغرر البيان وشوارد اللغة ونوادر الكلام، منظوماً ومنثوراً فضلاً عن ذكر الفرائد البديعة والرقائق الأدبية، كالرسائل المبتكرة والخطب المعبرة والمواعظ المبكية والأضاحيك الملهية، ولنذكر: اعلم أن المقامات تعرف بالمكان الذي تجري فيه فيقال المقامة الحلبية أو الموصلية. وربما نسبت إلى المروي عنه. ويستحب في راوي المقامة أن يكون رجلاً ظريف النفس كثير الأسفار حسن الرواية متفرغاً لفنون الأدب جاداً في طلب غرره.

مخترع هذا الفن بديع الزمان الهمذاني وبعده الحريري وتبعهما ناصيف اليازجي (وهل أسرد مقامة كتبتها منذ سنوات؟؟) وهل أجرؤ على إظهارها (المرأة حصة الشيطان) وأخشى أن يصيبني قول الشاعر:

قتل امرئ في غابة جريمة لا تغتفر


وقتل شعب آمن مسألة فيها نظر

وهل يعاد اعتقاد العرب القدماء أنه يخرج من جمجمة القتيل طير (الهامة) يظل ينادي شاكياً العطش حتى يرتوي من دم القاتل. هذا اعتقاد في الجاهلية.
هل ذكر بحور الشعر الـ 16؟
وهل ذكرت أمهات الكتب الأدبية الأربعة؟؟

قال ابن خلدون: "سمعنا من شيوخنا في مجالس الدرس أن أمهات الكتب (كتب الأدب هذه وأصولها أربعة دواوين هي: البيان والتبيين للحافظ أبو بحر – أدب الكاتب لابن قتيبة – الكامل للمبرد - الأمالي لابن علي القالي، وما سواها، فتبع لها وتفرّع منها: عيون الأخبار لابن قتيبة – المستطرف للأشبيهي – الكشكول للقالي).

من جمال الأدب كلمات يستهويني تردادها. أمير شعراء الإسبان قال: "إن الشاعر فلان كأنبياء التوراة، علق ربابته على غصن صفصافة لتعزف على هوى الريح ناطقة بما في لغة الطبيعة من نبرات خفية تهمس بها الألوهة"
(فرنسيسكو فيلاسبانا).

أخرى، إن قلم فلان.. يأتي نشيد حلو النغمات، فهو نابغة يتيه باسمه الجيل، ويجر أذيال الزهو وأردان الفخار.
أخرى، الشعر لغة السماء والخلود ولذلك فهو ديوان العرب.
أخرى، تزعم العرب أن عبقر قرية يسكنها الجن وإليها ينسب كل جليل وفائق.
أخرى، قال الشاعر ميشيل المعلوف:

يا ساعتي ما أنت أول ساعة
مادمت ضيعت السنين فما أنا


ضيعتها من ذكريات حياتي
بمعاتبٍ دهري على الساعات



فنون الإنشاء سبعة وهي:
1- المكاتبات والمراسلات.
2- المناظرات.
3- الأمثال.
4- الأوصاف في المقالات.
5- المقامات.
6- الروايات.
7- التاريخ وزادَ على ذلك فنّ الكتابة للتلفاز – كتابة السيناريو.

ومع كل ذلك جمال الخط والأسلوب المسرحي مطلوباً.
قالوا: إن أدب العالم من أوربا وأية أمة بمفردها، ليس كمجموعة من كتابات أفراد وإنما كـ(كليات عضوية) أي كأنظمة نكتسب منها أعمال الفن الأدبي الفردية، كذلك معاني ودلالات أعمال الفنانين الفرديين وارتباطهم بوحدة لا شعورية مسلم بها، وإن ما يحدث لا شعورياً من طباع الأمة نستطيع أن نوحّده شعورياً، ولكن ليس فنان من الدرجة الثالثة لأنه لا يستطيع أن يتنازل عن ذاته في سبيل عمل مشترك.

وعن النقد قال أحدهم (ت س اليوت) إن وظيفة النقد تبدو وبالضرورة مشكلة نظام. نحن نرى النقد تعليقاً على الأعمال الفنية وعرضها عن طريق الكلمة المكتوبة. ونرى أن يقدم الحسن فيها على السيئ بتجرد ونزاهة حاسبين أن غاية النقد بداخله وغرضه توضيح الأعمال الفنية الذوق. والنقد مساهم بالتعاون مع نصوص الأدب في مجال العمل العام.

وللنقد أنواع كثيرة كلها يفترض أن تتعاون بالعمل نحو الكمال. وطبعاً إذا تذكرنا من هو الناقد الجيد، نجد أن يكون أولاً مزوّد بالإطلاع الواسع والحدس الناصر الحقيقة المتطورة مع الزمن ولو لم يؤيدها الجمهور بسرعة غير ناس أن يكون بعيداً عن أهوائه وغاياته الخاصّة. وطبعاً لذلك يجب أن يكون على علاقة حسنة مع أنداده المشاركين بالعمل العام لتحري الحقيقة ولا أن يحلم بالظهور المستقلّ عن الآخرين.

أما الأدوات الأساسية للمقارنة فهي حب واعتبار أن أية مقالة مكتوبة لا تخلو من فائدة نحو الحقيقة وأن يرى الناقد نفسه من أسياد الحقيقة لا خدامها ولكن قال أحدهم، هذا خطأ فنحن خدام الحقيقة لا أسيادها، أسيادها صنّاعها وليس المخبرين عنها. والتواضع مع كل المواقف والنقاشات، ومن يخالف هذه القواعد فهو مفسد للذوق.


من حلاوة اللفظ في الأدب الأجناس التالية:
الجناس – الطباق – التورية – السجع – الاستعارة – الاستعارة المكنية. وطبعاً في الشعر وقوافيه وبحوره الستة عشر.

أما الشعر الحديث الذي لا أؤيده لتهرّبه من الوزن والقافية، ولو مثّلناه بصورة موجودة لكان دون إطار يحميها من هراوي الناقدين. وقريب من هذا المعنى وبهذه اللحظة إشعال شمعة في القلب للوطن وعماله خير من آلاف اللعنات للأخطاء والزلات.

إن قيمة الكتاب لا تقاس بكثرة مخطوطاته بل بعمق المواضيع وغناها وحاجتها لظروف الزمن.

فقد تكلم الفيلسوف مرة واحدة فبطن صدى مقولته أجيالاً وقد يكتب غيره كتباً تدفنها السنون القليلة اللاحقة وتغطيها السيول لأنها ليست أهراماً خالدة. وأما القارئ فأرى أنه يكسب بقدر قوة غرفه من بحار المعرفة ومعرفته هي الفهم والاستيعاب علامة الذكاء الأولى.

وإليكم لمحة عن تأسيس مجمع اللغة العربية منذ عام (1919م) وفي مصر منذ عام (1932م)، وكانت غاياته مطلوبة للثقافة العربية وأولها ترجمة وتحويل كل ما هو غير عربي إلى العربية ومنها البلاغات والقرارات الرسمية في أواخر الحكم العثماني وما كان موجوداً منها.

أخوتي الأحباء، ما بين الكتابة والقراءة هو ما بين الصمت والكلام، فيلزمنا الالتفات للكتاب الصامت لإخراج المعنى الناطق من مضمونه إلى الجمهور.

ولنختم هذا الحديث الأدبي بنكتة أدبية ابتسامة أدب ضاحكة بين شاعر وصديقه الحذاء الذي أهداه حذاءً وكتب على علبة الحذاء:

لقد أهديتُ توفيقاً حذاءً
أما قال الفتى العربيُّ يوماً


فقال الحاسدون وما عليه
شبيهُ الشيء منجذبٌ إليه؟!

أجابه الشاعر:

لو كان يهدى إلى الإنسان قيمته
لكن تقبَّلتُ هذا النَّعلَ مُعتمداً


لكنت أستأهل الدنيا وما فيها
أنَّ الهديّة على مقدارِ مُهديها





*                                          يوسف عبد النور المسعد



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

INSTAGRAM FEED

@gh330kam