عيد رأس السنة السورية الآكيتو


عيد رأس السنة السورية الآكيتو 

برختو آكيتو... هي عبارة التّهنئة المُتعارف عليها في عيد رأس السّنة السوريّة القديمة، الذي يصادف بتاريخ الواحد من نيسان، وفي عامنا هذا نستقبل عام 6767، وهو عيد عرفته الحضارات القديمة التي تواجدت على أرض بلاد الشام، والتي تشمل كلّ من سوريا والعراق والأردن ولبنان وفلسطين وكيليكيا وشبه جزيرة سيناء وحتى قبرص، ومن هذه الحضارات: الآرامية، والسّريانية، والعمورية، والآشورية، والكلدانية، والأكادية، والبابلية وغيرهم، ويُعتبر هذا التّقويم، أقدم التّواريخ التي اتُّبعت في العالم، ومازال معمولاً بها إلى يومنا هذا، لدى الآشوريين والسّريان، ويعرف باسم آكيتو.


معنى آكيتو ودلالاتها:
تعني كلمة آكيتو - البدء والتّحرك والتّفتّح - في زراعة وحصاد القمح والشعير، كون هذا العيد يبدأ في بداية فصل الربيع، حيث تبدأ الطبيعة بتجديد دورة حياتها المُرتبطة بالخصب وأوان حصاد المزروعات، حتى شملت بدء حياة الكون بمجمله.


تاريخ الاحتفال بآكيتو:
تثبت النّقوش المُكتشفة، والكتابات القديمة التي عثر عليها، أنّ الاحتفال بآكيتو كان يجري مرّتين في العام، عند زراعة المحصول وبذر الحبوب في شهر نيسان، وعند موسم الحصاد في شهر تشرين الأوّل، مما يعني أنّه كان عيداً نصف سنويّ، إلّا أنّه تطوّر مع الزّمن، حتى بات احتفالاً ضخماً، تعدّى قالب الزّراعة والحصاد ومواقيتها، بدايته تكون يوم الاعتدال الربيعيّ حيث يتساوى اللّيل والنّهار، وتعلّق بحركة كوكبي الشّمس والقمر، وكان الاحتفال يدور في اثنتا عشر يوماً، حتّى الأوّل من شهر نيسان، ومما لا جدل فيه، أنّ رأس السّنة السّوريّة، أقدم بكثير من السّنة القبطيّة والفرعونيّة والهاشمية بمئات السّنين.


أول ذكر للاحتفال بآكيتو
أول مدينة احتفلت به كانت مدينة أورو، ونيبور في بلاد ما بين النّهرين، وفي الممالك السوريّة تدمر، وأوغاريت، وإيبلا، وماري، ودمشق، ومنها انتقل إلى الأندلس، وباقي الدّول حتى بداية القرن العشرين، حين قام الاحتلال الفرنسي في سوريا، بتغيير تاريخ الاحتفال برأس السّنة، إلى اليوم الأوّل من شهر كانون الثّاني.


الآكيتو في الحضارة السومريّة:
أخذ عيد رأس السنة في الحضارة السومريّة طابعاً من التبجيل والتّقديس للطبيعة ومكوّناتها، كما كان مخصّصاً لعبادة إله القمر نانا، وكانت تُقام فيه مراسم زواج جماعية.


الآكيتو في الحضارة البابلية:
كان الآكيتو في الحضارة البابليّة هو ذكرى انتصار كبير الآلهة مردوخ على الآلهة تيامات، وكان في الأيّام الأربعة الأولى منه، تُقام فيها شعائر العبادات الدينيّة، وتقدمة القرابين والأضاحي للآلهة، فكان يقوم كبير الكهنة بقراءة قصّة الخلق البابليّة، المعروفة باسم – اينو ما إيليش - وكيف قامت الآلهة مجتمعةً بتحرير الإله تموز من العالم السّفليّ وإعادته إلى محبوبته عشتار، ليتمّ اقترانهما وسط احتفالات البشر والطّبيعة في الربيع.


أهم مظاهر الاحتفال بعيد آكيتو:
كما ذكر سابقاً، فبالإضافة إلى الشعائر الدينيّة وتقديم الأضاحي وعقود الزواج، كانت تجوب المُدن مواكب احتفاليّة كُبرى، يرتدي فيها المحتفلون الأقنعة والملابس التّنكريّة، ويقومون بالرّقصات الدينيّة، ويؤدّون أهازيجَ وأغانٍ خاصّة بالمناسبة، كما تُقام العروض الرياضيّة في السّاحات، ومن الطّقوس التي مازال السّريان يتّبعونها إلى يومنا هذا ما يعرف بـ"دقنا نيسان" أو لحية نيسان، وهي عبارة عن كومة من الأعشاب الخضراء النّضرة، والتي تُشكَّل على هيئة حزمةٍ، وتعلّق فوق مدخل البيوت في ساعات الصّباح الباكر قبل استيقاظ الأطفال، إعلاناً عن بدء الاحتفال بقدوم شهر الخير والرزق الوفير نيسان.

بقلم:

ميرنا قره

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

INSTAGRAM FEED

@gh330kam